الذئبة الحمراء Systemic lupus
الذئبة الحمراء (أو ما نعرفه باسم الذئبة الحُمامية المجموعية Systemic lupus erythematosus) هي مرض مناعة ذاتية، وأمراض المناعة الذاتية تعني أن جهاز الجسم المناعي، الذي يهاجم في الأحوال الطبيعية المواد المؤذية، سوف يهاجم هنا أنسجة الجسم المعافاة عن طريق الخطأ. وهذا يتسبب بطيف واسع مع الأعراض الحاصلة بسبب الالتهاب والتلف في المفاصل والجلد والكليتين والأوعية الدموية والقلب والرئتين.
تجعل الذئبة الحمراء الجهاز المناعي غير قادر على التمييز بين المُستضدات (والمستضد antigen هو أي مادة قادرة على تحريض استجابة مناعية خاصة) وبين الأنسجة المعافاة. وهذا يؤدي بأن يوجه جهاز الجسم المناعي أضاداً ضد النسيج المعافى ( وليس ضد المُستضدات فقط ) ما يقود إلى التهاب وألم وتورم في النسيج.
حقائق سريعة عن الذئبة الحمراء :
• الذئبة الحمراء ليست مرضاً شائعاً، لكنه ليس نادراً أيضاً، حيث تقدر مراكز الوقاية من الأمراض وضبطها في الولايات المتحدة أن هناك 1,5 مليون إصابة ذئبة في الولايات المتحدة.
• الذئبة ليست مرضاً معدياً، ولا حتى بالاتصال الجنسي.
• ليس هناك علاقة أو رابط بين الذئبة والسرطان. فالسرطان هو مرض ينجم عن وجود أنسجة مرضية شاذة خبيثة تنمو بسرعة وتنتشر إلى الأنسجة المجاورة. بينما الذئبة مرض مناعة ذاتية كما شرحنا.
• تتفاوت الذئبة في شدتها من حالات خفيفة إلى حالات مهددة للحياة. وبالعناية الطبية المناسبة سيستطيع المرضى التعايش معه على نحوٍ شبه طبيعي.
• تصيب الذئبة الحمراء النساء أكثر من الرجال، فمقابل كل مريض ذكر هناك تسع مريضات.
• تشير التقديرات أن هناك 5 مليون إصابة ذئبة في العالم.
• تصيب الذئبة عادةً النساء بعمر الإنجاب. أي بين عمري 14 و55 سنة، غير أنه قد يصيب الأطفال والمراهقين.
• في الدول العربية تشير التقديرات أن هناك نحو 390 ألف إصابة ذئبة في مصر، وفي المملكة العربية السعودية 132 ألف حالة، وفي السودان 200 ألف حالة.
أعراض الذئبة الحمراء :
ليس هناك حالتا ذئبة متشابهتين تماماً. وقد تجيء أعراض الذئبة الحمراء والعلامات على حين غرة أو أنها تتطور ببطء، وقد تتراوح من خفيفة إلى شديدة، وقد تكون مؤقتة أو دائمة. يظهر عند معظم المرضى شكل خفيف مع نوبات اشتداد (أو سورات flares) تشتد فيها الأعراض والعلامات لمدة من الزمن، ثم تتحسن أو حتى تزول نهائياً لفترة من الزمن.
تعتمد العلامات والأعراض التي يشكو منها المريض على الجهاز المتأثر بالمرض. وتشمل الأعراض والعلامات:
• إنهاك وحمى.
• ألم وتورم وتيبس والتهاب مفصلي.
• طفح شكل الفراشة على الوجه يغطي الخدين وجسر الأنف.
• آفات جلدية تظهر أو تسوء عند التعرّض للشمس.
• تحول لون أصابع اليدين أو القدمين للون الأبيض أو الأزرق عند التعرض للبرد أو عند التوتر (نسمي هذا بظاهرة رينو Raynaud’s phenomenon).
• ضيق النفس.
• ألم صدري.
• جفاف العينين.
• صداع، تخليط، فقد ذاكرة.
• فقر دم.
• نقص أو زيادة وزن.
ويجب مراجعة الطبيب عند الإصابة بطفح جلدي غير مفسر، أو بحمى مستمرة، أو بإنهاك أو آلام متواصلة.
أسباب الذئبة الحمراء :
مع أن الأطباء لا يعرفون بالضبط سبب الذئبة الحمراء وأمراض المناعة الذاتية الأخرى، غير أن معظمهم يعتقد أن الذئبة تحصل بسبب تشارك مثيرات جينية ووراثية.
بما أن الذئبة تميل لأن تسري في عائلات معينة، لذلك يظن الأطباء أنه من الممكن وراثة استعداد جيني للإصابة بالذئبة. ومع أنه لا يوجد حتى الآن جينات معروفة بتسببها بالذئبة، غير أنها تتسبب بالمرض مباشرةً. ومن المحتمل أن امتلاك استعداد موروث للإصابة بالذئبة تجعل الإصابة بالمرض ممكنة بعد التعرض لعوامل بيئية معينة.
كما يشير وجود حالات إصابة بالذئبة الحمراء بين النساء أعلى بكثير منه بين الرجال إلى أن المرض قد يتحرض بهرمونات معينة. ويعتقد الأطباء أن تلك الهرمونات، من مثل الإستروجين، تعمل على تطور المرض لأن الأعراض تميل للاشتداد قبل الدورات الطمثية أو أثناء الحمل.
ونعرف بوجود عوامل بيئية معينة تسبب أعراض الذئبة، من مثل:
• التوتر الشديد.
• التعرّض للضوء فوق البنفسجي، لاسيما بسبب الشمس.
• التدخين.
• بعض الأدوية والمضادات الحيوية، لاسيما التي تحوي مجموعات سلفا وبنسلين.
• بعض حالات العدوى، مثل الفيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus والفيروسات الصغيرةparvovirus (مثل المرض الخامس) وعدوى التهاب الكبد C وفيروس ايبشاين بار (عند الأطفال).
مضاعفات الذئبة الحمراء :
يمكن أن تؤدي الذئبة لمضاعفات في مناطق كثيرة من الجسم، من مثل:
• الكليتان – فقد تؤدي لتضرر كلوي شديد، وهو سبب الوفاة الأول الناجم عن الذئبة.
• الجهاز العصبي المركزي – يمكن أن تتسبب الذئبة بصداع ودوار ومشاكل في الذاكرة ونوبات صرعية وتغيرات سلوكية.
• الدم والأوعية الدموية – ترفع الذئبة خطورة الإصابة بفقر الدم والنزيف وتجلط الدم والتهاب الأوعية.
• الرئتان – قد تتسبب الذئبة بالتهاب رئوي غير عدوائي noninfectious pneumonia وصعوبة في التنفس بسبب التهاب التجويف الصدري.
• القلب – يزداد احتمال التهاب عضلة القلب والشرايين عند الإصابة بالذئبة، كما تزيد فرص الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والنوبات القلبية.
• العدوى – تعمل معالجة الذئبة على كبح الجهاز المناعي ما يجعل الجسم أكثر تأهباً للإصابة بالعدوى.
• السرطان – تزيد الذئبة خطورة الإصابة بالسرطان، وخاصة بنوع اسمه اللمفومة اللاهودجكينية non-Hodgkin’s lymphoma وسرطان الرئة وسرطان الكبد.
• موت النسيج العظمي – يؤدي نقص التروية الدموية للنسيج العظمي لحدوث تصدعات رقيقة ولموت النسيج العظمي في نهاية المطاف. ويشيع هذا في عظم الورك خاصةً.
• الحمل – تزيد الذئبة فرصة حدوث الإملاص miscarriage وارتفاع ضغط الدم خلال الحمل، بالإضافة لازدياد احتمال حدوث الولادة الباكرة (الخداجة).
تشخيص الذئبة الحمراء
قد نلقى صعوبات في تشخيص الذئبة الحمراء لأن أعراضها وعلاماتها تختلف على نحوٍ ملحوظ بين مصابٍ وآخر. كما أن تلك الأعراض والعلامات قد تتغير عند المصاب نفسه مع مرور الوقت، وقد تتشابه مع أعراض وعلامات أمراض أخرى متعددة.
غير أن أكثر علامة مميزة للذئبة هي ما نطلق عليه اسم “طفح الفراشة butterfly rash” وهو طفح جلدي يمتد على الخدين وجسر الأنف على شكل يشبه فراشة تفرد جناحيها، وهي علامة توجد في الكثير من حالات المرض، لكن ليس فيها كلها
لا يوجد فحص واحد يستطيع أن يشخص الذئبة. بل إن اجتماع نتائج الفحوص الدموية والبولية، والأعراض والعلامات، وموجودات الفحص الجسدي للمريض، هو ما يقود لوضع تشخيص الإصابة بالمرض.
الفحوص المخبرية
تشمل فحوص الدم والبول ما يلي :
• العد الدموي الشامل (CBC): يقيس هذا الفحص عدد كريات الدم الحمراء وعدد كريات الدم البيضاء والصفيحات، بالإضافة لمقدار الهيموغلوبين، وهو بروتين موجود في كريات الدم الحمراء. وقد تشير تلك الفحوص لإصابة المريض بفقر الدم الذي بصيب مرضى الذئبة في الكثير من الأحيان. كما قد يكون عند مريض الذئبة انخفاضاً في عدد الصفيحات وانخفاضاً في عدد كريات الدم البيضاء.
• سرعة ترسب الكريات الحمراء (ESR): يقيس هذا الفحص الدموي سرعة ركود كريات الدم الحمراء في قاع أنبوب الاختبار في ساعة من الوقت. وقد تشير سرعة الترسب الأكبر من المعتاد لوجود مرض مجموعي (جهازي)، مثل الذئبة. سرعة التثفل ليست محددة لمرضٍ معين. فهي قد ترتفع عند الإصابة بالذئبة أو اضطراب التهابي آخر أو السرطان أو العدوى.
• التقييم الكلوي والكبدي: تستطيع الفحوص الدموية أن تقيم مدى حسن أداء الكليتين والكبد لوظائفهما. حيث يمكن للكلية أن تؤثر على هذين العضوين.
• تحليل البول urinalysis: قد يظهر الفحص لعينة من البول ارتفاع مستوى البروتينات فيها أو وجود كريات دم حمراء فيها ( بيلة دموية )، وهو ما يحصل عندما تؤثر الذئبة على الكليتين.
• فحص مضاد النوى Antinuclear antibody (ANA): يشير الفحص الإيجابي لوجود هذه الأضداد (التي ينتجها الجهاز المناعي) لتهيج الجهاز المناعي. صحيح أن معظم مرضى الذئبة الحمراء عندهم مضادات نوى إيجابية، غير أن معظم من عندهم مضادات نوى إيجابية لا يكونون مصابين بالذئبة. فإذا وجد الطبيب أن مضادات النوى إيجابية عند المريض، فقد يلجأ لفحوص مضادات أكثر تخصصاً.
التصوير
قد يطلب الطبيب لو اشتبه بأن الذئبة الحمراء قد أصابت الرئتين والقلب الفحوص التصويرية التالية:
• صورة صدر بسيطة: قد تكشف صورة الصدر وجود ظلال غير طبيعية تشير لوجود سائل أو التهاب في الرئتين.
• مخطط صدى القلب Echocardiogram: يستخدم هذا الفحص أمواجاً صوتية ليعطي صور متزامنة لضربات القلب. يتفحص هذا الفحص المشاكل في الصمامات وأجزاء القلب الأخرى.
الخزعة Biopsy
يمكن للذئبة الحمراء أن تؤذي الكليتين بطرق مختلفة متعددة وتعالج بطرق مختلفة، بحسب نوع الضرر الحاصل. من الضروري في بعض الحالات فحص عينة صغيرة من النسيج الكلوي لتقرير أفضل معالجة ممكنة. ويمكن الحصول على تلك العينة باستخدام إبرة، أو عبرة شق جراحي صغير.
علاج الذئبة الحمراء :
يستند علاج الذئبة الحمراء على الأعراض والعلامات عند المريض. ويحتاج اتخاذ القرار فيما إذا كان يجب معالجة الأعراض والعلامات ونوع الأدوية المستخدمة لإجراء نقاش موسع بين المريض والطبيب عن مخاطرها وفوائدها. وبما أن أعراض الذئبة تميل لأن تشتد أحياناً ثم تخبو، سيجد الطبيب ضرورة عادةً لإجراء تعديلات على نوعية الأدوية وجرعتها. وتشمل الأدوية التي يشيع استخدامها لعلاج الذئبة ما يلي:
• مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): يمكن استخدام مُضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي تباع دون وصفة طبية، مثل النابروكسين والإيبوبروفين، لمعالجة الألم والتورم والحمى المرافقة للذئبة. وتتضمن الآثار الجانبية لتلك الأدوية النزف المعدي والمشاكل الكلوية وارتفاع خطورة الإصابة بمشاكل قلبية.
• العقاقير المضادة للملاريا: تفيد الأدوية التي نستخدمها عادة لعلاج الملاريا، مثل هيدروكسي الكلوروكين hydroxychloroquine، كذلك في ضبط الذئبة. وتتضمن الآثار الجانبية لتلك الأدوية التلبك المعوي، وتأذي شبكية العين في أحيان نادرة جداً.
• الكورتيكوستسروئيدات: يمكن للبريدنيزون Prednisone والأنواع الأخرى من الكورتيكوستيروئيدات أن تكافح الالتهاب الناجم عن الذئبة، غير أنها تتسبب بآثار جانبية بعيدة المدى، بما في ذلك ازدياد الوزن وسهولة التكدم وتخلخل العظم و ارتفاع ضغط الدم والسكري وازدياد خطورة الإصابة بعدوى. وتزداد خطورة المعاناة من الآثار الجانبية كلما كبرت الجرعة وكلما امتدت المعالجة لفترة أطول.
• كابحات المناعة : قد تفيد الأدوية التي تكبح الجهاز المناعي في معالجة حالات الذئبة الشديدة. ومن تلك الأدوية السيكلوفوسفانيد cyclophosphamide والأزاثيوبرين azathioprine والميكوفينولات mycophenolate والميثوتريكسات methotrexate. ومن الآثار الجانبية لتلك الأدوية ازدياد خطورة الإصابة بعدوى وتضرر الكبد ونقص الخصوبة وازدياد خطورة السرطان. وهناك دواء حديث من تلك الأدوية اسمه belimumab يقلل أيضاً أعراض الذئبة، وآثاره الجانبية هي الغثيان والإسهال والحمى.
الذئبة الحمراء ونمط الحياة والعناية المنزلية :
يجب على المصاب بالذئبة الحمراء اتخاذ خطوات تساعده على ضبطها. حيث يمكن لإجراءات بسيطة أن تحميه من نوبات اشتداد الذئبة (السورات)، وتمكنه في حال حدوثها أن يتعامل على نحو أفضل مع الأعراض والعلامات. فعلى المريض أن:
• يأخذ قسطاً كافياً من الراحة. حيث يشكو مرضى الذئبة غالباً من إنهاك مزمن يتفاوت من تعب بسيط إلى تعب لا يزول بمجرد الراحة. ويمكنك لتحقيق ذلك أن ينام ما فيه كفايته ليلاً وأن يأخذ قيلولة وأوقات للراحة نهاراً.
• يتقي من أشعة الشمس. لأن الأشعة فوق البنفسجية تؤدي إلى اشتداد المرض، فعلى المريض أن يرتدي ملابس تقيه من الشمس، مثل القبعة وقميص بأكمام طويلة وبناطيل طويلة، وأن يستخدم كريم واقي من الشمس ذو عامل واقي من الشمس (SPF) 55 على الأقل كلما أراد الخروج من المنزل.
• يتمرن بانتظام. تساعد التمارين الرياضية على التعافي من السورة، وتقلل خطورة الإصابة بنوبة قلبية، وتساعد على مقاومة الاكتئاب وتشجع على التعافي العام.
• يمتنع عن التدخين. يزيد التدخين خطورة الإصابة بمرض قلبي وعائي ويمكنه أن يجعل تأثيرات الذئبة أسوأ.
• يلتزم بنظام غذائي صحي. يؤكد النظام الغذائي الصحي على تناول الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة. وقد يكون عند المريض تحديدات غذائية معينة في حال إصابته بارتفاع ضغط الدم أو إصابات كلوية أو مشاكل هضمية.
ظهور طفح في الكفين والم صدر وفقر دم هل اللرتفاع بداء الذئبه كبير ام بسيط؟؟؟؟؟