هبوط المستقيم أو تدلي الشرج (Rectal Prolapse)
المستقيم هو الجزء الأخير من الجهاز الهضمي، حيث يمر الطعام بدايةً من خلال الأمعاء الدقيقة ( أطول وأدق جزء من الأمعاء ) ويتم امتصاص المواد المغذية الموجودة فيه، ثم تصرف الفضلات عبر الأمعاء الغليظة لتتحول إلى البراز الصلب، ومن ثم يجمع البراز في نهاية الأمعاء الغليظة والمستقيم، ليخرج أخيراً عبر فتحة الشرج .
مقدمة حول هبوط المستقيم :
تحدث حالة هبوط المستقيم في الجزء الجداري منه، أو في جزء من البطانة المخاطية، حيث يخرج جزء من جدار المستقيم أو كامل المستقيم إلى خارج مكانه الطبيعي، وقد يخرج أحياناً إلى خارج فتحة الشرج.
هبوط المستقيم أكثر شيوعاً لدى الأطفال الصغار، وكبار السن، وخاصة النساء ممن تجاوزن سن الخمسين من العمر، كذلك يمكن أن يصيب الفتيات والشبان بدرجات أقل.
في الحالات الشديدة من هبوط المستقيم يتم سقوط جزء من الأمعاء الغليظة من مكانها الطبيعي على الأنسجة التي تثبتها في مكانها، فتتمدد ويحدث حالة شد للأمعاء.
يوجد في الأحوال العادية انحناء حاد عند بداية المستقيم، ولكن عندما يبدأ المستقيم بالتدلي تصبح هذه الانحناءات مستقيمة أو تعتدل، مما يجعل من الصعوبة منع البراز من التسرب، فتحدث عندئذٍ حالة تعرف بـ (سلس البراز fecal incontinence).
أنواع هبوط المستقيم :
يمكن تقسيم هبوط المستقيم إلى ثلاثة أنواع:
1- التدلي الجزئي (Partial prolapse)،
ويسمى أيضاً تدلي الغشاء المخاطي (mucosal prolapse): يتميز بخروج جزء من البطانة المخاطية للمستقيم خارج مكانها، وعادةً تنزلق إلى خارج الشرج، تحدث هذه الحالة غالباً عند تعرض حركة الأمعاء لجهد كبير، وهو أكثر شيوعاً عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن السنتين.
2- التدلي الكامل (Complete prolapse) :
هي خروج كامل جدار المستقيم لخارج مكانه، وعادةً إلى خارج الشرج، في البداية تحدث هذه الحالة بالتزامن مع التبرز (خلال التبرز)، ولكن في نهاية الأمر تصبح تحدث عند الوقوف أو المشي، وفي بعض الحالات تبقى الأنسجة متدلية إلى خارج الجسم طوال الوقت.
3- التدلي الداخلي (الانغلاف) Internal prolapse (intussusception):
توصف هذه الحالة بانزلاق جزء من جدار الأمعاء الغليظة (الكولون) أو المستقيم على جزء أخر (وليس إلى الخارج)، وتصبح مثل الأجزاء المتكدسة القابلة للطي فوق بعضها البعض. وتعتبر هذه الحالة شائعة لدى الأطفال ونادرة عند البالغين.
أسباب هبوط المستقيم وعوامل الخطورة
تشمل عوامل الخطر لدى الأطفال:
- التليف الكيسي (Cystic fibrosis): عند إصابة الأطفال بتدلي المستقيم، وحتى مع عدم ظهور أسباب واضحة، يجب عليهم إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من التليف الكيسي.
- العمليات الجراحية في الشرج، وخاصة لدى الرضع.
- سوء التغذية (Malnutrition).
- تشوهات، أو تطور المشاكل البدنية.
- التوتر والإجهاد خلال التبرز.
- العدوى.
عوامل الخطر عند البالغين، تشمل:
- الإجهاد أثناء التبرز بسبب الإمساك.
- تلف الأنسجة الناتج عن العملية الجراحية أو الولادة.
- ضعف في العضلات القاعدية للحوض، والتي تحدث بشكل طبيعي مع التقدم في العمر.
- تضخم البروستات المزمن.
- الحمل.
- الانسداد الرئوي المزمن (COPD).
- التليف الكيسي (Cystic fibrosis).
- السعال الديكي (Pertussis cough).
- الاضطرابات العصبية، أورام في النخاع الشوكي.
أعراض هبوط المستقيم :
أبرز أعراض هبوط المستقيم السريرية وضوحاً هي ظهور كتلة أو تورم في الجزء الأخير الظاهر من الشرج، في البداية يظهر هذا الانتفاخ مترافقاً مع التبرز، ولكن تتطور الحالة لتحدث عند السعال أو الوقوف.
في حالة التدلي الداخلي لا يظهر التورم أو التكتل كما هو شائع في الحالة العادية، ولكن يشعر المريض بوجود شيء غريب عالق في المستقيم بعد إفراغ المعدة من الفضلات (بعد عملية التبرز).
قد يجد المريض نفسه قادراً على دفع الكتلة العالقة باستخدام أصابعه، ولكن يصعب عليه ذلك، وبمجرد دفعها فإنه يعاود التبرز من جديد، لذلك لا يحاول المريض دفعها مرة أخرى.
عند الإصابة بتدلي المستقيم يصبح المريض غير قادر على التحكم بالتبرز، وبالتالي يسبب ذلك حالة تشبه السلس البرازي أو تصريف لزج من المستقيم، وهذا يؤدي إلى شعور بعدم النظافة (وتلويث الملابس)، الأمر الذي يؤثر سلباً على حياته اليومية.
وقد يحدث نزيف من المستقيم وشعور بعدم الراحة في المنطقة السفلى من البطن. ويمكن أن تتطور قرحة في الجزء المتدلي الخارج من المستقيم.
تشخيص هبوط المستقيم
يحتاج الطبيب كي يقوم بتشخيص المستقيم بدايةً إلى فحص بدني مباشر للمستقيم (من خلال الفحص الحسي عبر فتحة الشرج). وربما يكون الطبيب قادر على تشخيص هبوط المستقيم من الفحص الحسي، أو يطلب تحويلك إلى طبيب مختص بالأمراض الهضمية، وخاصة بالحركة المعوية.
تشمل الفحوصات الأخرى المطبقة على المريض:
تصوير المستقيم proctography: وهو نوع من الأشعة السينية (X-ray) أو المسح الضوئي، حيث يبين هذا التصوير المستقيم والقناة الشرجية عند التبرز.
التنظير السيني (sigmoidoscopy): يتم التنظير باستخدام أنبوب دقيق مترافق مع كاميرا ومثبت عليه ضوء في نهايته، يسمح للطبيب برؤية الجزء الداخلي من المستقيم والأمعاء.
تنظير القولون (colonoscopy): يتم باستخدام أنبوب ضيق ومرن يشبه المنظار (مع كاميرا) يسمى منظار الكولون، يسمح للطبيب برؤية الجزء الداخلي من الأمعاء الغليظة.
التصوير بالأمواج الفائقة للصوت أو الأمواج فوق الصوتية (endoanal ultrasound): يتم هذا الإجراء باستخدام مسبار رقيق من الأمواج فوق الصوتية لرؤية العضلات المسؤولة عن التحكم بحركة الأمعاء.
التشخيص التفريقي
ينبغي النظر في الأمراض التالية عند تشخيص تدلي المستقيم:
- البواسير (Hemorrhoids).
- الانغلاف المعوي .
- التهاب المستقيم .
- تورم الغشاء المخاطي للمستقيم .
علاج هبوط المستقيم أو تدلي الشرج
في المراحل المبكرة من المرض ينصح الطبيب بتناول الكثير من الخضار والفواكه، وكذلك الأطعمة الغنية بالألياف، ويوصي الطبيب عادةً بشرب كميات كبيرة من الماء في مثل هذه الحالة (لزيادة الحركة المعوية).
يقترح الأطباء أيضاً وصف الملينات (laxatives)، مثل البولي ايثيلين غليكول (وهو من الملينات التناضحية يستخدم لعلاج الإمساك) حيث تساعد الملينات على تفريغ الأمعاء دون جهد.
يجب معالجة العوامل المسببة لتدلي المستقيم، مثل الإمساك والإسهال، وكذلك ينبغي توفير الرعاية الداعمة وفقاً لشدة الحالة السريرية، وخاصة في حال كان التدلي غير قابل للإرجاع، أو مترافق مع غرغرينا (gangrene) أو تمزق الغشاء المخاطي للمستقيم، وكذلك يجب الحصول على تقييم جراحي فوري إذا كان هناك سلس برازي.
عند الأطفال المصابين بتدلي المستقيم، تتحسن الحالة عادةً بدون علاج، لكن يجب استشارة الطبيب حول بعض الإجراءات التي يجب اتباعها لتنظيم حركة الأمعاء، كذلك كما البالغين يجب ضمان تناول كميات كافية من الخضار والفواكه في وجباتهم اليومية، وخاصة الأطعمة الحاوية على ألياف.
في بعض الأحيان، يوصي الطبيب للأطفال المصابين بحقن تحوي مواد تسمى (مواد مصلبّة)، وذلك لتخريب الأنسجة المتدلية أو جراحتها.
الجراحة :
تعد الجراحة السبيل الوحيد للعلاج الفعال في حالة هبوط المستقيم بشكل كامل. وهناك أنواع مختلفة من الطرق الجراحية، وهذه يعتمد على مكان إجراء الجراح لعملية قطع الأجزاء المتدلية، وكذلك على عمر المريض، وطبيعة الحالة المرضية ومتطلباتها العلاجية.
يمكن للجراح أن يجري القطع في منطقتين:
جراحة البطن: يتم إجراءه غالباً لكبار السن أو المرضى الضعاف، تتم الجراحة في البطن (شق واحد أو عدد من الشقوق الصغيرة).
جراحة العجان: يتم هذا الإجراء لدى الأطفال الصغار في السن، تتم الجراحة حول الجزء المتدلي نفسه، تعرف هذه الحالة بجراحة العجان (perineal surgery).
الاستئصال أو القطع الأمامي (Anterior resection): يتم هذا الإجراء لدى المرضى الذين يعانون من تدلي المستقيم المترافق مع الإمساك، حيث يوجد غالباً جزء من الكولون زائد عن الحاجة، ففي هذه الحالة يعتقد بعض الجراحين أن استئصال هذا الجزء قد يخفف الإمساك ويقلل من احتمالية تكرار تدلي المستقيم.
تثبيت المستقيم (rectopexy): يتم تثبيت المستقيم من خلال رفعه من الخلف وصولاً إلى العصعص، وجانبياً إلى الأربطة الأفقية.
استئصال الباسور (Hemorrhoidectomy): يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في حالة تدلي المستقيم المترافقة مع البواسير، حيث يتم استئصال الباسور لمعالجة السبب الذي يؤدي إلى تدلي المستقيم.
يجب تجنب العلاج الجراحي لهبوط المستقيم الداخلي بسبب النتائج السيئة المحتملة للعملية.
بغض النظر عن نوع الإجراء الذي يجري التخطيط له، ينبغي تجهيز الأمعاء الدقيقة ميكانيكاً مع اتخاذ المضادات الحيوية قبل الجراحة.
يجب دائما إعطاء الصادات الحيوية وريدياً (IV) قبل الجراحة. وأيضاً يجب مراقبة الحاجة إلى إعطائها بعد الجراحة.
إن احتمال نجاح الجراحة يعتمد على نوع العملية المتبعة وكذلك على الظروف الفردية الخاصة بك.
العناية بعد العملية الجراحية
بعد العمل الجراحي يصاب المريض بألم بطني ومغص، مع بطء في التبرز، ينصح الأطباء في هذه الحالة بالمحافظة على السوائل الوريدية حتى عودة وظيفة الأمعاء إلى طبيعتها.
المحافظة على حمية غذائية، وطعام منخفض الألياف لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ثم العودة إلى أخذ المكملات الحاوية على ألياف لتجنب الإمساك.
المضاعفات التالية لجراحة هبوط المستقيم :
تشمل المضاعفات بعد العملية الجراحية: عدوى، نزيف، إصابة معوية، تبدلات في الوظيفة الجنسية أو المثانة، إمساك.
تحذيرات للمريض
يجب أن تتذكر دائماً أن هبوط المستقيم يمكن أن يعود مرة أخرى بعد العمل الجراحي بأي شكل كان.