مرض التوحد….و اهل المربض

لقد شغل اضطراب طيف التوحد جل اهتمام المتخصصين وبخاصة في العقود الثلاثة الأخيرة، حيث تنوعت الدراسات لتشمل العديد من الجوانب الطبية والتعليمية والسلوكية والتواصلية والاجتماعية، وهو ما يُظهر مدى تداخل الاحتياجات المختلفة لهذة الفئة من الأطفال.

 أنه بالرغم من أن تاريخ ظهور اضطراب طيف التوحد بدأ في الأدبيات الطبية على يد العالم الأميركي كارنر عام 1943، إلا أن الأدبيات القديمة ذكر قصصا كثيرة عن أشخاص يبدو أنهم توحديون.

وعلى الرغم من أنه لم تجرَ أي دراسة حول مدي انتشار التوحد في العالم العربي، إلا أنه يلاحظ أن أعداد المصابين في ازدياد متواصل، حيث بالكاد تجد الآن أسرة لا تعرف حالة أو أكثر مصابة بالتوحد، هذا إن لم يكن أحد أعضاء الأسرة نفسها مصابا بهذا الأضطراب. ولقد أظهرت الدراسات أن معدلات الإصابة في الذكور تفوق الإناث بأربعة أضعاف، كما أنه يوجد ارتفاع هائل في أعداد الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد، والذي وصل إلي 12 ضعفا خلال السنوات الخمسة والعشرين الماضية، حيث إنه يتم تشخيص إصابة طفل من أصل 150 طفلا بأحد اضطرابات طيف التوحد. وهو ما دفع حكومة الولايات المتحدة الاميركية لدعم معاهد الأبحاث الصحية بميزانيات ضخمة تصل إلى عشرة أضعاف المخصصات في العقد الأخير من القرن الماضي.

* أنواع التوحد وتبعا للدليل التشخيصي الإحصائي في نسخته الرابعة والمنقحة في عام 2000، والصادر من الجمعية الأميركية للطب النفسي، فإن اضطراب طيف التوحد يتضمن خمسة أنواع هي:

اضطراب التوحد متلازمة اسبرجر متلازمة ريت اضطراب الانتكاس الطفولي الاضطرابات النمائية غير المكتملة وتبعا لتقرير جلبرج وهاجبرج وكاديسيجو الذي نشرته دورية التوحد والإعاقات التطورية في عام 1999، فإن عدد المصابين بجميع أنواع اضطرابات التوحد يزيد عن 1.23% من إجمالي عدد السكان، وهو ما يمثل نسبة تحتاج للمزيد من الدراسات لكي تعكس ازدياد الأعداد المطرد في السنوات العشرة الماضية.

* اضطراب عصبي وعن تعريف التوحد، يقول د. ياسر متولى اسناد الامراض العصبيه و النفسيه كليه طب عين شمس، أنه اضطراب في النمو العصبي يؤثر على التطور في ثلاثة مجالات اساسية:

اقرأ أيضا:  التوتر عملة لها وجهان أحدهما سلبي والآخر إيجابي

ـ صعوبة شديدة في فهم المحيطين والارتباط بهم، وإدراك كيفية التفاعل الاجتماعي. ـ تأخر ملحوظ في نمو المهارات التواصلية (لفظية وغير لفظية) وقصورالقدرة على الاستخدام الصحيح للغة.

ـ التعلق الشديد بالأعمال الروتينية والإصرار على المحافظة على أنماط وأداء الأفعال على وتيرة واحدة لا تتغير وعدم القدرة على مشاركة اللعب.

الأعراض يمثل ظهورنمط أعراض أضطراب التوحد قبل سن 36 شهرا، 70 ـ 80% من الأطفال التوحديين، في حين ينمو 20 ـ 30% من الأطفال بشكل طبيعي حتى سن 18 ـ 24 شهرا، ثم يبدأ حدوث التدهور في المهارات المختلفة التي اكتسبها الطفل.

وعليه فملاحظة هذه الأعراض، تستلزم الإحالة لفريق متخصص، يتكون من طبيب الأمراض النفسية والأخصائي النفسي وأخصائي أمراض النطق واللغة وتخصصات أخرى عديدة حسب طبيعة كل حالة واحتياجاتها، ويقوم الفريق بعملية التقييم التي تتطلب الكثير من الوقت والملاحظة والحصول على معلومات مهمة من الأهل، مع عدم التسرع في التشخيص. ويشير د. الدكروري الى أن الأبحاث العلمية في مجال التوحد، أظهرت أن مؤشرات الخلل رغم كونها غير واضحة، إلا أنها موجودة منذ البداية وتظهر المعطيات الأولية أن الأطفال في سن 6 شهور، والذين يتم تشخيصهم لاحقا بالتوحد قد يظهرون مهارات التواصل البصري بشكل مقبول، إلا أنهم يكونون أكثر هدوءا من أقرانهم، كما أنهم قد يتأخرون في النمو الحركي مثل الجلوس والتقاط الأشياء بالأيدي، وتتضح الصورة بشكل تدريجي عند بلوغ الطفل عامه الأول. اذ تبدأ الأعراض في التبلور والظهور بشكل أكثر وضوحا مثل:

ـ نوبات الغضب والصراخ.

ـ التأرجح للأمام والوراء. ـ أقل تجاوب من الأطفال الآخرين عندما يحاول الآخرون اللعب معهم. ـ تركيزهم على المجسمات والأشياء أكثر من الأشخاص.

* عملية التأهيل وتكمن صعوبة اضطراب التوحد في التفاوت الكبير بين مستويات المهارات المختلفة لدى الأطفال، مما يحير أولياء الأمور، ويجعل فهمهم للطفل وكيفية التعامل معه تحديا كبيرا وهو ما يمكن التعبير عنه بأن صفة الفردية صفة طاغية بشكل كبير علي أطفال طيف التوحد. من الجدير بالذكر أن عملية التأهيل هي عبارة عن منظومة يدخل فيها العديد من التخصصات المختلفة، يأتي في مقدمتها أخصائي أمراض النطق واللغة، حيث يتبلور دوره في عملية التقييم والتي تستهدف تحديد مواطن الضعف في المهارات التواصلية، ويلي ذلك عملية التأهيل والتي تستهدف تطوير أوجه القصور في هذه المهارات. إن اضطراب طيف التوحد يمثل استنزافا عاطفيا وماديا للأسرة، وذلك بسبب الضغوط والمسؤوليات الملقاة على عاتقها من الجانب المادي، بسبب تنوع الخدمات وتكلفتها المتوقعة، ومن الجانب العاطفي والنفسي بسبب نمط المشكلة ومدى سرعة التطور وتوفر الخدمات من عدمه من دون النظر لمستوى الخدمات.

اقرأ أيضا:  أهمية التدخل المبكر في الوقاية من الفشل في القراءة

* المؤشرات التواصلية الأولية لاضطراب التوحد ـ مريض التوحد لا يرفع يده ليحمله الآخرين أو للوصول لشيء بعيد عن يده.

ـ غياب الإشارة إلى الأشياء.

ـ يستخدم يد الآخرين كأداة للوصول لما يريده.

ـ تفادي التواصل البصري (النظر في العين) مع الآخرين حتى الوالدين.

ـ اهتمامه بمن حوله يكاد يكون معدوما. ـ لا يظهر اهتماما بالأطفال الآخرين.

ـ لا يستجيب لاسمه، ولكنه يستجيب لأصوات أخرى.

ـ ضعف شديد في تطور مهارات التقليد.

ـ لا يعرف استخدامات الأشياء.

ـ لا يظهر اهتماما بالألعاب التي تتطلب انتباها متبادلا.

ـ أنماط سلوكية وحركية متكررة (رفرفة الأيدي).

* معلومات حول اضطراب التوحد ـ السلوك العدواني مثل إذاء النفس أو الآخرين لا يظهر إلا لدى أقل من 10% من أطفال التوحد. ـ 8.5% يعانون من درجة من درجات فقدان السمع. ـ 3% يعانون من فقد البصر. ـ 16.7% يعانون من نوبات صرعية. ـ 10% تظهر لديهم مواهب خاصة.

 
 د. ياسر متولى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *