متى ينبغي التفكير بالخضوع لاختبار وراثي؟!
فيمكن مثلاً للتحليل الجيني أن يؤكد صحة التشخيص الطبي الذي يكون المريض قد خضع له خلال معاينته السريرية.
و يمكن أيضاً للتحليل الجيني في حال توفره أن يساعد الطبيب على غربلة تشخيصه وتوضيحه، ولاسيما في الحالات التي يظهر فيها المريض عوارض مشتركة لأمراض عديدة تجعل الطبيب يحتار بأي من تلك الأمراض تحديداً مصاب.
و قد يكون التثبت من صحة تشخيص المرض الجيني لأمر ضروري بغية التكهن بالاتجاه المحتمل أن يتخده مرض ما، كما وأنه قد يكون ضرورياً أيضاً بالنسبة إلى العلاج وبالنسبة إلى تقدير خطر انتقال المرض إلى سائر أفراد الأسرة و إلى الأجيال المستقبلية.
ويمكن للتحاليل الجينية أن تستخدم لتشخيص وضع الأفراد المصابين بأمراض شاذة أو غير قياسية كالأمراض غير النافدة التي تتميز بعوارض جد مختلفة أو بظهور طفيف جداً. فإن كان مثلاً لأحد المرضى نسيب أو قريب مصاب بمرض جيني محدد في حين أن وضعه هو غير واضح طبياً أو في حال كان المريض يظهر عوارض تتطابق وبعض عوارض مرض ما، إنما من دون أن يكون لديه عوارض كافية لكي يأتي تشخيص وضعه الطبي أكيداً عندها يمكن للتحليل الجيني أن يجيب على أسئلة عديدة. و قد تكون بالتالي هكذا معلومات تشخيصية ضرورية لإخضاع المريض لأفضل أنواع العلاج و للتمكن من تقدير خطر تعرض الأطفال و الأقارب للمرض.
وفي بعض الحالات حيث يكون هناك مرض جيني متنح ينتقل من جيل إلى آخر في إحدى العائلات يمكننا عندئذٍ أن نلجأ إلى التحاليل الجينية بغية تمييز الأفراد الذين يحملون الجينة المرضية من دون أن يكونوا مصابين بالمرض، من الأزواج الذين يحملون الجينة المرضية والذين يكون كلاهما غير مصاب بالمرض، و الأفراد الذين يحملون جينات الأمراض الوراثية المتنحية من دون أن يكونوا مصابين بتلك الأمراض وفيما هم قد لا يظهرون إجمالاً أياً من عوارض تلك الأمراض إلا أنهم معرضون وبنسبة عالية لخطر أن يرزقوا بأطفال مصابين بالمرض ولاسيما وإن كان أزواجهم يحملون هم أيضاً الجينات المرضية. ففي هذه الحالات يمكن لتحديد وضع الشخص الذي يحمل الجينة المرضية أن يمدنا بتوقعات صحيحة حول خطر إصابة الأطفال بالمرض أكثر مما قد يكون ذلك ممكناً من دون تحليل جيني. ويمكن أيضاً للتحاليل الجينية أن تميز الأفراد الذين يحملون جينات الأمراض الوراثية المتنحية من دون يكونوا هم أنفسهم مصابين بتلك الأمراض ومن دون ان تكون سابقة في عائلتهم. ففي الواقع يتم حالياً إخضاع أعداد كبيرة من الأفراد لبرامج تعرف ببرامج الغربلة وذلك بصرف النظر عن تاريخ عائلتهم الطبي وبالتالي فقد يكون لبرامج الغربلة الواسعة الانتشار هذه تأثير على مدى حدوث المرض خاصة عند الشعوب المعرضة بنسبة عالية لأن تصاب بمرض متنح محدد ما. فقد تكون إذن الغربلة المنظمة لحاملي تلك الجينة المرضية، إضافة إلى التربية الوراثية والاستشارات الجينية عند هذه الشعوب مفيدة جداً بالنسبة إلى الأزواج الذين ينوون إنجاب الأطفال. غير أن الغربلة العامة لحاملي جينات الأمراض الوراثية قد لا تكون دائماً مفيدة خاصة في حال جهل العامة في مجال الأمراض الجينية ولكن مع توفر بعض التحاليل الجينية والقدرات الواسعة على الغربلة فسوف يكون من الضروري بالنسبة إلى المجتمع أن يفكر ملياً بفوائد برامج الغربلة تلك وبنواحي عجزها ومخاطرها أيضاً قبل أن يفكر بتطبيقها على عامة الشعب تطبيقاً شاملاً.