العلاج الكيميائي Chemotherapy
العلاج الكيميائي هو استخدام الأدوية (المواد الكيميائية) لعلاج الأمراض. وعلى وجه التحديد، تشير المعالجة بالمواد الكيميائية بشكل نموذجي إلى إبادة خلايا السرطان. ومع ذلك، قد تتضمن المعالجة بالمواد الكيميائية أيضاً استخدام المضادات الحيوية أو الأدوية الأخرى لعلاج أي مرض أو عدوى.
تركز هذه المقالة على المعالجة الكيميائية للسرطان، حيث تمنع الأدوية السامة خلايا السرطان من الانقسام والنمو. عندما يتحدث أخصائيو الرعاية الصحية عن المعالجة بالمواد الكيميائية اليوم، فهم يميلون عموماً للإشارة إلى الأدوية السامة للخلايا أكثر من غيرها.
كيف بدأ استخدام العلاج الكيميائي ؟
بعد العمليات العسكرية في الحرب العالمية الثانية تعرض بعض البحارة عن طريق الخطأ لغاز الخردل. ووجد لاحقاً أنهم يمتلكون تعداداً منخفضاً من خلايا الدم البيض وعادةً ما تنمو خلايا الدم البيض بسرعة كبيرة- كما أن خلايا السرطان تنقسم وتنمو بسرعة كبيرة أيضاً.
وتساءل الأطباء ما إذا كان تأثير غاز الخردل – في إبطاء النمو السريع لخلايا الدم البيض – ربما يمتلك نفس التأثير على نمو خلايا السرطان. حاول الأطباء اختبار المرضى المصابين بالورم اللمفي (اللمفوما) عن طريق حقن مادة كيميائية تحوي غاز الخردل، ورغم أن التأثير كان مؤقتاً، فإن المرضى لم يلاقوا تحسناً ملحوظاً.
وأدى هذا إلى البحث عن مواد أخرى والتي يمكن أن تبطئ أو توقف انقسام ونمو خلايا السرطان. وتم استحداث العديد من الأدوية الجديدة المحسنة على مدى عقود. هناك أكثر من 100 نوع مختلف من أدوية المعالجة الكيميائية في يومنا هذا والتي تستطيع أن تعالج معظم السرطانات.
يساعد الاختبار الجيني الأطباء على اختيار العلاج الكيميائي بدقة أكبر. وقد يساعد اختبار الطفرات الجينية في تمييز مريضات سرطان الثدي اللواتي لن يستفدن من نوع معين من المعالجة بالمواد الكيميائية، كما صرح علماء من الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج.
بحسب دراسة أجريت بقيادة الباحثين في مركز سرطان دوك الشامل ومدرسة دوك برات للهندسة، فعن طريق دراسة الأسلوب الذي من خلاله يرتد الضوء من أسطح الخلايا، فقد يكون الباحثون قادرين على تقدير نجاح المعالجة الكيميائية في إثارة موت خلايا السرطان.
يستخدم العلاج الكيميائي غالباُ إلى جانب الأدوية الأخرى. ويجب أن يأخذ الأطباء والمرضى ممارسة الرياضة في اعتبارهم بشكل جاد، بسبب فائدتها للعديد من مرضى السرطان.
يواجه المرضى الذين يمارسون التمارين بشكل منتظم بعد العلاج الكيميائي خطراً أقل لعودة السرطان، بالمقارنة مع الأشخاص الخاملين جسدياً، كما صرح العلماء من جامعة نبراسكا في اجتماع البيولوجيا المتكاملة الرابع في أكتوبر2012، وهم يقولون أن اكتشافاتهم قد تساعد الباحثين على أن يفهموا لماذا قد تخفض التمارين الرياضية بصورة كبيرة خطر السرطان الثانوي لدى الناجين منه. وأضافوا أن النشاطات الجسدية يمكن أن تخفض أيضاً فرص ظهور السرطان بين الأشخاص الذين لم يصابوا بالمرض مطلقاً.
الأهداف الممكنة للعلاج الكيميائي
• الشفاء التام – ليشفى المريض بصورة كاملة. وفي بعض الحالات يمكن أن تتخلص المعالجة الكيميائية من السرطان بصورة كاملة لوحدها.
• المعالجة المركبة – قد تساعد المعالجة بالمواد الكيميائية المعالجات الأخرى، مثل المعالجة بالإشعاع أو الجراحة لتعطي نتائج أكثر فاعلية.
• تأخير أو منع العودة – عندما تستخدم المعالجة بالمواد الكيميائية لمنع رجوع السرطان، فهي تستخدم في معظم الأحيان بعد إزالة الورم جراحياً. وجد العلماء في مدرسة شاريت للطب، ألمانيا، أن استخدام دواء الجيمسيتابين في المعالجة الكيميائية يؤخر بشكل كبير عودة السرطان، بالمقارنة مع عدم استخدام المعالجة بالمواد الكيميائية.
• تباطؤ نمو السرطان – وتستخدم بصورة رئيسية عندما يكون السرطان في مراحله المتقدمة وعلى الأرجح أنه لن يشفى. يمكن أن تبطئ المعالجة بالمواد الكيميائية من تقدم السرطان.
• لتخفيف الأعراض – وتستخدم كثيراً للمرضى المصابين بسرطان متقدم أيضاً.
كيف يعمل العلاج الكيميائي ؟
ينتج الجسم خلايا جديدة لتعويض الخلايا عندما تتلف أو تموت، ويحدث هذا بشكل منظم. وبطريقة متوازنة، ولا تمتلك خلايا السرطان تلك القدرة المنظمة – فتكاثرها (الانقسام والنمو) يكون خارج السيطرة – ويتم إنتاج العديد والعديد منها وتبدأ باحتلال العديد والعديد من الفراغات، حتى تدفع أخيراً الفراغات المشغولة بالخلايا المفيدة إلى الخارج.
تتداخل أدوية العلاج الكيميائي مع قدرة خلايا السرطان على الانقسام والنمو. ومن المحتمل أن تدخل الأدوية الكيميائية في مجرى الدم لتهاجم خلايا السرطان في كل مكان من الجسم، أو يمكن أن نوصلها مباشرةً إلى موقع محدد للسرطان.
تعمل أدوية العلاج الكيميائي بطرق مختلفة، هي:
– إعاقة الانقسام الفتيلي (تمنع انقسام الخلية) – وهي تعرف بالأدوية السامة للخلية.
– استهداف مصدر طعام خلايا السرطان، والإنزيمات والهرمونات والتي تحتاجها لتنمو.
– إيقاف نمو أوعية دموية جديدة والتي تغذي الورم. اكتشف الباحثون في مدرسة جون هوبكينز للطب في دراسة كيف تستطيع كل زمرة من أدوية المعالجة الكيميائية المستخدمة بشكل شائع تحطيم السرطان عن طريق حصر نمو الأوعية الدموية.
– إثارة انتحار خلايا السرطان – يعرف انتحار الخلية طبياً بالاستماتة.
ويمكن أن يتلقى المرضى معالجة أحادية أو معالجة مركبة:
المعالجة الأحادية- نعطي المريض دواءً واحداً فقط.
المعالجة المركبة – نعطي المرضى أكثر من دواء واحد.
سيعتمد تلقى المريض لأي فئة على نوع السرطان المصاب به، بالإضافة إلى بعض الاعتبارات الصحية الأخرى.
ربما يتم إعطاء العلاج الكيميائي على مراحل مختلفة:
• المعالجة المساعدة الجديدة – قد يحتاج الجراح لتقليص الورم إذا كان كبيراً. وقد يتضمن هذا بعض المعالجة بالمواد الكيميائية قبل العملية و\أو المعالجة بالإشعاع.
• المعالجة الكيميائية الإشعاعية – يتم إعطاء المعالجة بالمواد الكيميائية بالمشاركة مع المعالجة الإشعاعية. فمثلاً يجب أن يعطى المرضى المصابون بلمفوما هودجكين Hodgkin’s lymphoma الموضعية التي يقع الورم فيها فوق الحجاب الحاجز معالجةً كيميائيةً بالمشاركة مع المعالجة الإشعاعية، كما صرح العلماء الأوروبيون بعد تنفيذ تجربة سريرية. وأفادت دراسةً أخرى أن خلايا الورم الصلبة التي تنجو من المعالجة الكيميائية الإشعاعية تصبح على الأغلب أقوى مما كانت عليه من قبل.
• المعالجة المساعدة – يتم فيها إعطاء المعالجة الكيميائية بعد العمليات الجراحية. فقد وجدت دراسة بريطانية أن استخدام المعالجة الكيميائية بعد الجراحة يقلل خطورة الموت من سرطان البنكرياس القابل للجراحة بحوالي 30%.
سيحدد العمر غالباً قيما إذا كان يجب استخدام المعالجة الكيميائية للمرضى المصابين بسرطانات محددة. ووجد الباحثون في مايو كلينيك، في الولايات المتحدة الأمريكية، أن المعالجات الكيميائية المشاركة باستخدام 5FU و oxaliplatin بعد جراحة سرطان القولون تخفض من انتكاس سرطان القولون وتحفز البقاء الأطول للمرضى تحت السبعين من أعمارهم بالمقارنة مع استخدام 5FU لوحده – ولكن ليس لهؤلاء الأكبر في العمر.
كم تبلغ فترة العلاج الكيميائي ؟
للحصول على أفضل النتائج، سيحتاج المرضى في أغلب الحالات إلى معالجة كيميائية منتظمة على مدى فترة محددة. سيتم وضع البروتوكول الذي يحدد متى ستحدث جلسات العلاج ولأي فترة ستستمر.
قد تكون جرعات العلاج الكيميائي علاجاً ليوم واحد فقط، أو قد تستمر لأسابيع قليلة – وسيعتمد هذا على نوع السرطان ومرحلته ( ما مدى تقدمه). وإذا تطلب الأمر أكثر من مجموعة جرعات علاجية واحدة للمريض فستكون هناك فترة راحة لنقاهة الجسم. ويمكن أن تكون هذه المعالجة ليوم واحد متبعةً بفترة راحة لأسبوع، متبعةً بعلاج يوم واحد آخر وتتبعها فترة راحة لثلاثة أسابيع، إلى آخره. وقد تعاد هذه المعالجة لعدة مرات.
اختبارات الدم قبل وأثناء العلاج الكيميائي :
تلزم اختبارات الدم لتحدد صحة المريض، بالإضافة إلى التأكد من أنه سيكون قادراً على التعامل مع التأثيرات الجانبية المحتملة للمعالجة. كمثال، يمكن أن تكتشف مشاكل الكبد، والتي يمكن أن تعني أن المعالجة بالمواد الكيميائية غير مناسبة للمريض ما لم نعالج الكبد. يتم استقلاب المواد الكيميائية المستخدمة في المعالجة بالمواد الكيميائية (تتحطم) في الكبد وهي آلية ربما تتعطل إذا لم يعمل الكبد بصورة صحيحة.
ومن المهم اختبار تعداد دم المريض قبل المعالجة بالمواد الكيميائية لأن العلاج سيخفض عدد خلايا الدم الحمراء والبيضاء، بالإضافة إلى الصفيحات. قد يقرر الأطباء تأخير العلاج إذا كشف اختبار الدم تعداداً منخفضاً للدم.
قرر الباحثون في مركز سرطان باول بابين في انغرس، فرنسا، أن قياس مستويات الدواء في دم المريض وضبطها للجرعة المثالية قد يخفض بصورة ملحوظة السمية الشديدة ويحسن التأثير في سرطان المستقيم والقولون.
ستستمر اختبارات الدم المنتظمة أثناء فترة العلاج وبذلك قد يحافظ الفريق الطبي على مراقبة تعداد الدم وحالة كبد المريض. وهناك خطر من أن تقوم المعالجة الكيميائية بتخفيض تعداد خلايا الدم من كريات بيض، وحمر وصفيحات. وقد تمنح مراقبة دم المريض الطبيب أيضاً معلومات مهمة حول جودة عمل المعالجة الكيميائية.
طريقتان لإعطاء العلاج الكيميائي :
يمكن أن نعطي المعالجة الكيميائية فموياً أو وريدياً، بحسب نوع السرطان.
• المعالجة بالمواد الكيميائية الفموية (حبوب البلع) :
ستكون هذه المعالجة على شكل أقراص دوائية. إذا سمحت الحالة الصحية للمريض فإنه سيكون قادراً على تناولها في المنزل. ومع ذلك، ستبقى الزيارات المنتظمة للمستشفى ضرورية للتأكد من صحة المريض ومدى استجابته للعلاج. من المهم تناول الأقراص بالطريقة التي حددت تماماً. وإذا نسي المريض واحداً من الأوقات المحددة فيجب عليه الاتصال بالفريق الطبي على الفور.
• المعالجة الكيميائية الوريدية (مباشرةً إلى داخل الوريد) :
يمكن أن نعطي المعالجة بالمواد الكيميائية الوريدية كما يلي:
– حقنة مباشرة إلى داخل الوريد.
– من خلال التستيل drip (إدخال سائل في الوريد)
– من خلال محقنة الأوردة أو المضخة.
– من خلال مضخة يرتديها المريض لعدة أسابيع أو أشهر. ويسمى هذا بالحقن الوريدي المستمر، أو الحقن الوريدي الطويل، أو الحقن الوريدي المتنقل (بمعنى أن المريض يستطيع أن يتمشى بينما يتلقى العلاج).
وهناك طرقاً مختلفةً لحصول المريض على العلاج. وهي تشمل:
– القنية cannula – وهو أنبوب رقيق يتم إدخاله من خلال الجلد للوريد – وتدخل إلى الجسم عادةً من طريق ظهر اليد أو أسفل الذراع.
– من خلال التستيل drip (إدخال سائل في الوريد) – من أجل تخفيف الدواء فإنه قد يحقن إلى داخل كيس. وسيعبر المحلول في الكيس من خلال أنبوب إلى ذراع المريض وإلى داخل الوريد (التسريب الوريدي). سيتم استخدام القنية. وسيدخل المحلول إلى الوريد ببطء.
يتم دفع المعالجة الكيميائية المعطاة بالتستيل باستخدام المضخة بشكل عام. ولا تقوم المضخة بتسريع سير العملية، ففي الواقع هي تعمل على تأكيد دخول المحلول إلى الوريد بمعدل ثابت على مدى فترة محددة – كلما خفت سرعة المعدل، كان التستيل أبطأ.
– الخط المركزي – وهو أنبوب طويل، ومرن وبلاستيكي (أنبوب رقيق) والذي ينتهي في وعاء دموي مركزي في الصدر، بالقرب من القلب. يتم إدخال الخط المركزي إلى الجسم عادةً من خلال مركز الصدر ويذهب تحت الجلد إلى وريد كبير عن طريق الترقوة، والجزء المرئي الوحيد هو امتداد الخط الذي يتدلى خارج ثقب الدخول الصغير في الصدر.
– خط القثطار المركزي الذي يتم إدخاله محيطياً – وهو أنبوب طويل، ورقيق ومرن يتم إدخاله إلى وريد محيطي، عادةً في أعلى الذراع، ويسير إلى وريد كبير في الصدر بالقرب من القلب. وهو يشبه الخط المركزي لكنه يمتلك نقطة دخول مختلفة.
– المنفذ القابل للزرع portacath – وهو أنبوب رقيق لين مرن بلاستيكي يذهب إلى الوريد. ويحتوي على منفذاً(فتحةً) تماماً تحت جلد الصدر أو الذراع. وتحتوي الفتحة على قرص مطاطي رقيق مزود بإبرة خاصة يمكن أن يعبره الدواء أو أن نأخذ الدم من خلاله.
الحمل ومنع الحمل :
قد تسبب العديد من أدوية المعالجة الكيميائية بتشوهات ولادية. ومن المهم أن تتجنب المرأة الخاضعة للمعالجة الكيميائية أن تصبح حاملاً. ولأن معظم أدوية المعالجة الكيميائية تتداخل مع مانعات الحمل الفموية، فمن المهم استخدام طريقة الحاجز لمنع الحمل، مثل الواقي الذكري، أثناء كل فترة المعالجة بالمواد الكيميائية، ولمدة عام بعد أن يكتمل العلاج. إذا كانت المرأة حاملاً فيجب عليها إبلاغ الفريق الطبي سلفاً وفي الحال. وإذا أصبحت حاملاً أثناء العلاج فيجب إبلاغ الفريق الطبي في الحال.