المؤشرات الأساسية والأولية التي تساعد المختصين من النواحي التواصلية في تشخيص الت

ومن الجدير بالذكر أننا نستخدم مزيجاً من النمطين اللفظي وغير اللفظي للتواصل مع من حولنا، ومن هنا تبرز أهمية مساعدة الطفل التوحدي (المصاب بمرض التوحد) على التواصل بشكل فعال مع من حوله والذي يأتي في قمة أولويات برامج التأهيل المختلفة.

وذلك لأن قصور المهارات التواصلية بشقية اللفظي وغير اللفظي من السمات التشخيصية الأساسية لاضطرابات طيف التوحد.

يعرف التوحد بأنه اضطراب في النمو العصبي يؤثر على التطور في ثلاثة مجالات أساسية منها، قصور في نمو وتطور المهارات التواصلية بالإضافة إلى صعوبة التفاعل الاجتماعي وهو ما يعتبر ذا علاقة وثيقة بالمهارات التواصلية أيضا.

والمجال الثالث يتمثل في التعلق الشديد بالأعمال الروتينية والمحافظة على أنماط وأداء الأفعال على وتيرة واحدة وصعوبة القدرة على اللعب.

ومن الجدير بالذكر أن الفقد التدريجي للمهارات التواصلية والاجتماعية، بعد النمو الطبيعي حتى سن 18 شهرا، لا يمثل أكثر من 30% (الجمعية الأميركية للنطق والسمع ASHA، 2006) من أطفال التوحد، في حين أن التأخر منذ البداية يمثل أكثر من 70% (ASHA, 2006) من الأطفال التوحديين، حيث يشترط ظهور نمط الأعراض قبل سن 36 شهرا.

ومن هنا تتضح لنا الأهمية القصوى للقصور في النواحي التواصلية، حيث إنها لا تعتبر معيارا تشخيصيا مهما فقط، بل تعتبر التحدي الأكبر للمختصين وأسر الأطفال التوحديين.

مؤشرات أساسية
إن المؤشرات الأساسية والأولية التي تساعد المختصين من النواحي التواصلية في تشخيص التوحد، تتمثل في أن المصاب:
– لا يناغي حتى سن 12 شهر.
– لا يستخدم الإشارة (الإشارة إلى الأشياء وهز اليدين «باي باي») حتى سن 12 شهرا.
– لا يستخدم كلمات مفردة حتى سن 16 شهرا.
– ضعف مهارات الاتصال البصري.
– تجاوب ضعيف مع الآخرين أثناء اللعب.
– لا يستخدم عبارات مكونة من كلمتين حتى سن 24 شهرا.
– تكرار الكلمات، فعند سؤال الطفل: ما اسمك؟ فيقول «ما اسمك» بدل من أن يقول «أحمد» مثلا.
– فقد واضح لأي مهارات لغوية أو اجتماعية قد يكون اكتسبها قبل سن السنتين.

اقرأ أيضا:  الاحتياجات الغذائية للمعاقين

دور الأسرة
وحين يولد الطفل، فإن أول ما يراه في الوجود هو والداه، حيث يبدأ هذا الطفل في النمو والتطور وتبدأ حركاته الأولى وابتساماته وانفعالاته واستجاباته لما حوله داخل منزله مع والديه.

فالمنزل والوالدان هما البيئة الأولى التي يعيش بها الطفل ويتعلم وينشأ فيها فيكتسب من خلال هذه البيئة ويتعلم المهارات المختلفة والتي يأتي على رأسها القدرة على الحوار والتواصل مع من حوله، وهنا تكمن أهمية الوالدين في حياة الطفل.

ولكن في بعض الأحيان قد يعتري هذه المهارات التي يكتسبها عادة الطفل بشكل تلقائي بعض الخلل كما هو الحال في الطفل التوحدي، مما يكون له أكبر الأثر في تطورها بشكل سليم وهنا يحتار الوالدان في الطريقة المثلى لمواجهة وإصلاح هذا الخلل.

فيلجآن للمتخصصين في هذا المجال لمساعدتهما وتوجيههما لإيجاد الحل المناسب كما ورد في مجلة (Behavioral Interventions, Volume 22, p.179-199, 2007) ومع الأهمية الكبيرة للتدخل العلاجي، فلا يمكن أبدا أن يقلل من شأن دور أولياء أمر الطفل التوحدي وبيئته في علاج هذا الاضطراب.

فالدور الذي تلعبه أسرة الطفل التوحدي ومشاركتهم في البرنامج العلاجي له بالغ الأثر الإيجابي في تطوير هذه المهارات بشكل فعال أكثر.

وبالتالي فإن إعطاء الوالدين المعلومات والنصح والتوجيه والأساليب والاستراتيجيات المناسبة الخاصة باضطراب طفلهم التوحدي سيساعدهم في تطوير المهارات المناسبة لدى هذا الطفل.

إن أفضل علاقة تربط بين أخصائي النطق واللغة كمتخصص في تشخيص وعلاج الاضطرابات التواصلية وبين الوالدين كخبراء بطفلهم ومعرفتهم ببيئته الطبيعية وحياته اليومية والخبرات المختلفة التي يتعرض لها بالإضافة لاحتياجاته الخاصة وطباعه، هي علاقة الشراكة وذلك للوصول لأفضل طريقة للتدخل لعلاج مشكلة الطفل.

والخطوة الأولى في تطبيق هذه الشراكة تكون بتدريب الوالدين وإعطائهما الأدوات المناسبة التي ستساعدهما في تطوير مهارات الطفل والذي انعكس بشكل واضح على كمية الدعم المادي الذي أولته الحكومة الأميركية على الرغم من الأزمة الاقتصادية الحالية والذي وصل إلى 211 مليون دولار تبعا لتقرير الجمعية الأميركية للتوحد (مارس 2009)، حيث يعتبر تدريب الوالدين وخصوصاً أثناء المراحل المبكرة لحياة الطفل عنصرا مهما في أي برنامج علاجي.

اقرأ أيضا:  أين يذهب المعوق بعد تخرجه؟ الخروج من التنظير إلى التطبيق

وكان تدريب الوالدين ومدى تأثيره على تقدم مهارات الطفل التواصلية ومهاراته الأخرى، محور وتركيز العديد من الأبحاث العلمية، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أهمية دور آباء وأمهات الأطفال التوحديين في تنمية المهارات التواصلية لدى أطفالهم، وذلك لأن الآباء والأمهات يمثلون الجزء الأكبر في عالم الطفل والذي تتضاءل أمامه كل الأدوار الأخرى من الناحية الكمية، حيث يقضي الطفل عددا كبيرا من الساعات مع والديه في حين أنه يقضي عددا محدودا من الساعات مع اختصاصي أمراض النطق واللغة.

ومن هنا تتبلور أهمية تدريب الآباء والأمهات بهدف موازنة المعادلة، بحيث يصاحب التفوق الكمي جودة نوعية تساعد الآباء والأمهات على تنمية مهارات الطفل التوحدي التواصلية والذي سينعكس على مستوى استخدامه للمهارات التواصلية كطلب الأشياء وجذب الانتباه والرفض والتعبير عن المشاعر وغيرها من الصعوبات التي يعانيها أطفال التوحد على مستوى التواصل بشقية اللفظي وغير اللفظي.

إن دور الأسرة يتمثل في ضرورة أن تتدرب بشكل مكثف حتى تتمكن من إتقان الأساليب والطرق المناسبة لتعليم طفلهم التوحدي أكاديميا والتعامل معه من الناحية النفسية ـ كما يجب هنا أن لا نغفل ضرورة أن يتدرب الأهل على الطرق والأساليب التي تمكنهم من التواصل الاجتماعي مع الطفل التوحدي كل تبعا لمستوى أدائه.

أما دور المجتمع فيتجلى بشكل كبير في بذل الكثير من الجهود حتى يزداد الوعي باضطرابات طيف التوحد والذي سينعكس بشكل كبير على نمط التقبل الاجتماعي لفئات التوحديين وأسرهم.

ويشير أخيرا د.الدكروري، من خبرة تناهز خمسة عشر عاما من العمل مع أطفال التوحد وأسرهم، إلى أن شبح الخوف من المستقبل هو المشكلة الرئيسية وهو ما يمكن التغلب عليه من خلال العمل الجاد منذ البداية وبشكل مستمر على كل الأصعدة بهدف تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية والاعتماد على الذات للأشخاص التوحديين بالإضافة للعمل علي سن القوانين التي من شأنها أن تدعم توفير البرامج والخدمات ذات العلاقة باحتياجات التوحديين المتنامية تبعا للمراحل العمرية ومستوى الأداء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *