هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد؟
قالوا قديمًا في الأمثال: “اتعشى واتمشى”، في إشارة واضحة إلى أهمية الحركة والمشي بعد تناول الطعام. رغم أن الاسترخاء هو الفعل المحبب في هذا الوقت.
لكن، هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد؟
هذا ما سنجيب عنه في السطور القادمة من هذا المقال، الذي سنتحدث فيه عن فوائد وأضرار المشي بعد الأكل مباشرة. وسنتحدث كذلك عن الاحتياطات والنصائح العامة التي يجب اتباعها للحصول على الفوائد المرجوة وتجنب السلبيات المحتملة.
هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد أم ضار؟
لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية ممارسة الرياضة -وخاصة رياضة المشي- في الحفاظ على اللياقة البدنية والصحة بصفة عامة.
فالمشي رياضة سهلة، يستطيع الجميع القيام بها ولا تكلفهم شيئًا. فهي لا تحتاج إلى معدات أو أماكن خاصة لممارستها، فهي في متناول الجميع -كبارًا كانوا أو صغارًا.
لكن عندما يكون الحديث عن المشي بعد الأكل مباشرة، فقد ينقسم الناس إلى قسمين. بعضهم يحبذ ذلك والآخر يرفضه لأسباب صحية.
يا تُرى من منهم على حق؟!
لقد أثبتت بعض الدراسات أن المشي لمسافة قصيرة بعد الأكل له عدة فوائد، مثل: ضبط مستوى سكر الدم، وتقليل الغازات والانتفاخات، وتحسين جودة النوم، وتعزيز صحة القلب.
في نفس الوقت، هناك عدة سلبيات محتملة للمشي بعد الأكل مباشرة، مثل: عسر الهضم وآلام المعدة، وتعتمد هذه السلبيات على بعض العوامل كحجم الوجبة التي تناولها الشخص ومكوناتها، وطول المسافة التي مشيها، وغير ذلك.
إذن، للإجابة عن سؤال هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد، يجب أن تؤخذ في الاعتبار الظروف الشخصية لكل فرد على حدة، بجانب النظر في كثافة المشي وتوقيته بعد الوجبة.
لقد أفردنا سطور هذا المقال لك -عزيزي القارئ- لنخبرك كل ما تحتاج معرفته عن فوائد وسلبيات المشي بعد الأكل مباشرة، وكيفية تحديد الوقت والطول المثالي للمشي بعد أي وجبة.
ولنبدأ -أولًا- بفوائد المشي بعد الأكل.
هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد؟
نعم، المشي بعد الأكل مباشرة يحمل العديد من الفوائد، مثل:
1- تحسين عملية الهضم
أثبتت بعض الدراسات أن ممارسة نشاطًا بدنيًا منخفضًا أو معتدلًا بعد الأكل مباشرة يساعد على تحسين عملية الهضم، لأن هذا النشاط يحفز المعدة والأمعاء على تحريك الطعام بسرعة أكبر، ويقلل أيضًا من الغازات والانتفاخات.
كما ثبت أن هذا النشاط قد يكون له تأثيرًا وقائيًا على الجهاز الهضمي، إذ قد يحمي من الإصابة بعدة أمراض، منها:
- قرح المعدة والجهاز الهضمي.
- متلازمة القولون العصبي.
- الإمساك.
- سرطان القولون والمستقيم.
2- المشي بعد الأكل لمرضى السكر
من المعروف أن مستوى السكر في الدم يرتفع مباشرة بعد تناول أي وجبة، خاصة إذا كانت الوجبة تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات.
في الشخص الطبيعي، يعمل البنكرياس على إفراز الإنسولين الذي ينظم مستوى السكر، ويعيده إلى مستوياته الطبيعية.
وهناك بعض العادات الصحية التي تساعد على ضبط هذه العملية في الجسم، من ضمنها المشي الخفيف لمسافة قصيرة بعد الأكل مباشرة حيث أنه مفيد لمرضى السكر.
3- خفض ضغط الدم
أثبتت العديد من الدراسات أن المشي يوميًا لمدة 30 دقيقة مفيد لصحة القلب، ويساعد على خفض ضغط الدم.
وقد رأت بعض هذه الدراسات أنه من الأفضل تقسيم مدة الثلاثين دقيقة إلى ثلاث مرات يوميًا، مدة المشي في كل مرة لا تتعدى العشر دقائق.
فإذا استطاع الشخص أن يمشي مدة عشر دقائق بعد الأكل مباشرة، سيكون قد حقق في نهاية اليوم مدة الثلاثين دقيقة التي أوصت بها الدراسات للحفاظ على صحة القلب وخفض ضغط الدم.
4- التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب
كما ذكرنا في الفقرة السابقة، فإن المشي المنتظم على فترات يساعد على خفض ضغط الدم.
بالإضافة إلى ذلك، يساعد هذا النمط من المشي أيضًا على خفض نسبة الكوليسترول منخفض الكثافة (الكوليسترول الضار) في الدم، فيقلل بذلك من خطر الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية.
5- إنقاص الوزن
تؤدي ممارسة الرياضة دورًا هامًا في عملية إنزال الوزن، بجانب اتباع حمية غذائية مناسبة.
فكما هو معروف، تعتمد فكرة إنقاص الوزن على حرق الجسم لسعرات حرارية أكثر من التي يتناولها، فيلجأ بذلك إلى استخدام المخزون الدهني لديه، ليحصل على ما يحتاجه من طاقة.
يساعد المشي المنتظم بعد الوجبات على حرق المزيد من الدهون والسعرات الحرارية، ومن ثَمَّ يساهم في إنقاص الوزن.
6- تحسين جودة النوم
ممارسة الأنشطة البدنية بجميع أنواعها يساعد على تحسين جودة النوم والوقاية من الأرق.
بالرغم من ذلك، فإن ممارسة الأنشطة البدنية العنيفة – خاصة قبل النوم مباشرة- قد يؤثر سلبًا في عملية النوم.
لذلك، كان المشي الخفيف بعد الوجبات -وخاصة وجبة العشاء- اختيارًا مثاليًا لهؤلاء الذين يعانون الأرق، ويودون الحصول على نوم هادئ في الليل.
فقد أثبتت الدراسات أن النشاط البدني المعتدل يساعد الجسم على إطالة مرحلة النوم العميق الذي يحصل عليه الشخص في أثناء الليل.
7- تحسين الصحة النفسية
المشي من أفضل وسائل تحسين الصحة النفسية، لأنه يقلل من إفراز هرمونات التوتر، مثل: الأدرينالين والكورتيزول.
يساعد المشي المعتدل الجسم على إفراز هرمون الإندورفين الذي يعمل كمسكن طبيعي للألم، كما يحسن المزاج ويساعد على الاسترخاء.
والآن، بعد أن تحدثنا عن فوائد المشي بعد الأكل مباشرة، دعونا نتحدث عن سلبياته.
سلبيات المشي بعد الأكل مباشرة
عند إجابتنا عن سؤال: هل المشي بعد الأكل مباشرة مفيد؟ قلنا أنه في بعض الأحيان قد يكون مضرًا، وأن الأمر يعتمد بالأساس على الظروف الشخصية لكل فرد.
فبالرغم من أن المشي رياضة آمنة، فإن بعض الأشخاص قد يشعرون ببعض آلام البطن ويصابون بعسر الهضم، إذا مشوا بعد تناول الأكل مباشرة.
تزداد صعوبة هذه الأعراض إذا أكل الشخص كمية كبيرة، أو كانت الوجبة دسمة.
وبصفة عامة، يجب أن ينتبه كل شخص إلى طبيعة عملية الهضم لديه. فإذا كان يشعر بمشاكل عند المشي بعد الأكل مباشرة، فمن الأفضل له أن يؤجله قليلًا ساعة أو ساعتين بعد الأكل.
والآن، إليكم بعض النصائح حول وقت المشي المثالي ومدته وكثافته.
ما هو الوقت المثالي للمشي؟
طبقًا للدراسات الحديثة، أفضل وقت للمشي هو بعد الأكل مباشرة، حتى يحصل جسمك على الفوائد العديدة التي ذكرناها سابقًا من تحسين الهضم وضبط سكر الدم وغيرها.
إذا كانت ظروفك لا تسمح بالمشي بعد كل وجبة، فلا تفوِّت فرصة المشي بعد العشاء.
أما إذا كنت تشعر بمشاكل هضمية عند المشي بعد الأكل مباشرة، فلا بأس بتأجيل ذلك ساعة أو ساعتين بعد الأكل.
كم من الوقت يجب أن تمشي؟
الوقت المثالي التي يجب أن تمشيه بعد كل وجبة هو عشر دقائق. يتيح لك هذا الوقت الحصول على فوائد المشي بعد الأكل مع تقليل احتمالية حدوث السلبيات المحتملة.
بالإضافة إلى أن الانتظام في هذا الروتين، سيتيح لك بنهاية اليوم الحصول على مدة المشي اليومية الموصى بها، وهي ثلاثون دقيقة في اليوم.
ما هي الكثافة المثالية للمشي بعد الوجبات؟
هل المشي بوتيرة بطيئة هو الأفضل؟ أم المشي بوتيرة متسارعة؟
إذا كنا نتحدث عن المشي بعد الأكل مباشرة، فإن المشي بوتيرة بطيئة إلى معتدلة هو المُوصَى به. لأن المشي السريع قد يسبب اضطرابات في الهضم، ومشكلات أخرى مثل ارتفاع ضربات القلب وغير ذلك.
في النهاية -عزيزي القارئ-، لا تنسَ أن المشي له فوائد عديدة، سواء كان ذلك بعد الأكل مباشرة أو في أوقات أخرى. فلا تفوِّت الفرصة على نفسك، واجعل من المشي روتينًا يوميًا، حتى تجني فوائده العديدة.
