تضخم البرستاته الحميد و القلق النفسى

وان كان بمقدور اعراض تضخم البروستاتا الحميد BPH التسبب في حدوث التوتر و القلق النفسى، فهل ان العكس صحيح ايضا؟ يعرف الاطباء ان التوتر و القلق النفسى يمكنه المساهمة في الكثير من الحالات الطبية، التي تتراوح بين خفقان القلب، النوبات القلبية، ارتفاع ضغط الدم، الى الربو وحرقة الفؤاد (الحموضة) والقولنج (التهاب غشاء القولون المخاطي)، والطفح الجلدي. ولكن حتى وان أدى التوتر الذهني الى التأثير في الكثير من اعضاء الجسم، فان البروستاتا كانت مستثناة من التأثيرات النفسية. الا ان تقريرين قد يمثلان البداية في احداث تغيير في هذه النظرة.

التوتر والخصومة وتضخم البروستاتا

* لدراسة التوتر و القلق النفسى والبروستاتا، اجرى الاطباء تقييما لـ83 رجلا، بلغ متوسط اعمارهم 68 سنة. وشخص جميع الرجال بحالة BPH وكانوا مسجلين في دراسة «العلاج الطبي لأعراض البروستاتا» Medical Therapy of Prostatic Symptoms (MTOPS) study في جامعة أيوا. وكان بعض الرجال يتناولون أدوية لـ BPH، فيما لم يتناولها الآخرون. وخضع كل رجل الى فحص كامل لجهازه البولي، شمل قياس حجم البروستاتا بالأشعة فوق الصوتية، وقياس كمية البول المتبقية في مثانته بعد عملية تبول عادية. وأجاب كل الرجال عن اسئلة استبيان مخصص لقياس حالات التوتر و القلق النفسى على مدى الحياة، وحالة التوتر الحديثة، وحالة احتدام الخصومة.

ان التضخم الحميد للبروستاتا يتطور خلال السنوات المتقدمة من عمر الرجل. الا ان التوتر و القلق النفسى على مدى الحياة لا يبدو انه يلعب دورا في تحفيز نمو البروستاتا. وإن شئنا القول، فقد ظهر ان الرجال الذين اجابوا بأنهم كانوا معرضين اكثر لمستويات عالية من التوتر و القلق النفسى على مدى الحياة، كانت احجام غدتهم اقل من احجامها لدى الآخرين من الرائقين او رابطي الجأش. اما حالات التوتر الحديثة فقد كانت قضية أخرى. فالرجال الذين عانوا من مستويات عالية من التوتر حديثا، قد عانوا من صعوبات اكبر في إفراغ مثاناتهم مقارنة بالآخرين الذين لم يعانوا من حالة توتر حديثة. كما يبدو ان الخصومة تزيد من حدة آثار التوتر الحديث المنشأ، فقد رصد لدى الرجال الذين كان لديهم هذا العاملان معاً، اكبر أحجام البول المتبقي في مثاناتهم بعد التبول. وفي التقرير الثاني من دراسة MTOPS، قارن الباحثون بين القياسات الموضوعية لحجم البروستاتا ووظيفتها، مع جملة من المؤشرات المتعلقة بالتوتر و القلق النفسى، حسبما كشفت عنه اجابات الاستبيانات. ولكي يروا إن كانت الادلة النفسية للتوتر الذهني تتطابق ايضا مع اعراض BPH، فقد طلبوا من المشاركين اجراء اختبار على التوتر الذهني. وأعطي المشاركون فترة دقيقتين لتحضير خطاب للدفاع عن انفسهم ضد اتهامات بأنهم سرقوا بضائع من المتاجر، ثم قدموا خطاباتهم امام كاميرا فيديو. ولقياس الاستجابة للتوتر، فقد راقب العلماء ضغط الدم وهرمونات التوتر خلال الاختبار. وكان الرجال الذي ظهرت لديهم اقوى استجابة نفسية للتوتر الذهني، من المصابين بأعراض BPH الحادة، ورصد لديهم ايضا كمية اكبر من البول المتبقي في مثاناتهم.

اقرأ أيضا:  الكوليسترول … سم لابد منه

آليات محتملة

* هناك رابطان محتملان بين الفكر وبين البروستاتا. الاول يشمل هرمونات الجسم. فجزء الدماغ المسمى الهايبوتلاموس (ما تحت السرير البصري) hypothalamus يتحكم بـ«الغدة الرئيسية» للغدد الصماء وهي الغدة النخامية. وبدورها، فان الغدة النخامية تنظم افراز العديد من الهرمونات، ومنها هرمون الذكورة التيستوستيرون. والتغيرات الطويلة المدى في الصلات بين الهايبوتلاموس – الغدة النخامية- الخصية، قد تؤثر في نمو البروستاتا- الا ان دراسة التوتر والبروستاتا لم تعثر على أي ادلة تدعم مثل هذا الاحتمال. الاحتمال الثاني يشمل الجهاز العصبي السمبثاوي. فالتوتر يحفز على افراز الادرينالين. والبروستاتا وعنق المثانة يحتويان على مستقبلات ألفا alpha-receptors التي تستجيب للأدرينالين بواسطة تحفيز خلايا العضلات الناعمة في البروستاتا والمثانة. وعندما تنقبض العضلات، فانها تضيّق الإحليل (مجرى البول)، الامر الذي يزيد من صعوبة افراغ المثانة لدى الرجال. وهذا هو الذي يحدث لدى استخدام ادوية علاج نزلات البرد الحاوية على «سيدوإفيدرين» pseudoephedrine او الادوية الاخرى من تلك التي تحفز مستقبلات ألفا، التي تزيد من صعوبة التبول لدى الرجال المعانين من BPH. كما انها تفسر كذلك لماذا يشعر الكثير من الرجال المعانين من BPH بالارتياح من اعراض حالتهم، بعد تناولهم لأدوية حاصرات ألفا alpha-blockers مثل «تيرازوسين» (هترين)(terazosin (Hytrin «دوكسازوسين» (كاردورا)(doxazosin (Cardura «تامسولاسين» (فلوماكس) tamsulosin (Flomax)، «الفوزوسين» (يوراكساترول)(alfuzosin (Uroxatrol. وبتحفيزه للجهاز العصبي السمبثاوي، فان التوتر قد يبطء من تدفق البول لدى الرجال المصابين بـ BPH ويمنع المثانة من افراغ محتوياتها كاملة.

وقد يلعب الجهاز السمبثاوي العصبي ايضا دورا في العلاقة بين ارتفاع ضغط الدم وبين اعراض BPH وفقا لتقرير من علماء هولنديين. فبما ان ارتفاع ضغط الدم قد يؤشر الى النشاط المتزايد للجهاز العصبي السمبثاوي، فان ضغط الدم المرتفع والتوتر قد يكونان متشاركين في آلية مشتركة لزيادة حدة اعراض التضخم الحميد للبروستاتا.

اقرأ أيضا:  علاج الملاريا : لقاح جديد مضاد للملاريا يثبت نجاعته

آفاق

* ان تقريري MTOPS يثيران اسئلة مهمة، مع انهما يظلان محدودين. فما دام الرجال الذين سجلوا في الدراسة كانوا من المصابين بـ BPH فانه قد يكون من الصعب رصد العوامل الطويلة المدى التي يمكنها ان تشجع (او ان تحمي من) BPH. كما ان تناول بعض المشاركين لأدوية العلاج في مرحلة الدراسة، ربما قلل من حدة تأثيرات التوتر.

ورغم هذه المحدوديات، فان هذين التقريرين يثيران اسئلة تستحق الاجابة عنها لاحقا. واضافة الى ذلك فانهما يضيفان بعدا جديدا للفوائد العديدة الناتجة عن تقليل التوتر، للبروستاتا والمثانة، وكذلك للقلب والرأس، فعلى كل رجل ان يعمل ما بوسعه للاسترخاء. تخفيف توتر تضخم البروستاتا التوتر فد يزيد من حدة اعراض BPH- ووجود هذه الحالة نفسها يخلق الكثير من التوتر. وحتى الآن يوصي الكثير من الاطباء باجراء عملية جراحية لهذه الحالة، لان غدة البروستاتا قد كبرت، وذلك بغض النظر عن كون المريض متوترا او متألما بسبب اعراضها. ولكن الحال تغير، ولامر واحد على الأقل فان الادوية قد حلت محل الجراحة، بوصفها العلاج الاول للرجال المصابين بـ BPH. وبالاضافة الى ذلك، فان هذه الادوية لا تعطى بل تظل احتياطا، لحين اكتشاف الرجل ان أعراض BPH اصبحت مقلقة.

د. ياسر متولى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *