التفكير الإيجابى بوابتك للسعادة والتخلص من التوتر

في ظل الحياة المعاصرة العديد منا مطالب بإنجاز العديد من المهام يوميا وبالتالي عليك التفكير كيف ستنجزها بالإضافة إلي إيجاد الوقت لمعاودة الاتصال بالمدير والتخطيط لتناول الطعام سوياً مع الأسرة وترتيب المكتب وإحضار الأطفال من المدرسة والكثير غيرها، ويتسبب مجرد التفكير في إنجاز هذه المهام في ارتفاع ضغط الدم لدى الكثيرين. ومَن يتمكن من الاحتفاظ بهدوئه في مثل هذه المواقف، سيمكنه أن يحيا حياة صحية تخلو من التوتر والشد العصبي؛

التوتر يسلبك التوازن و يعرضك لأمراض عدة
التوتر يسلبك التوازن و يعرضك لأمراض عدة

 

غير تفكيرك فمع كل فكرة سلبية يستدعي المخ كل المعلومات والمشاعر المخزنة التي تتعلق بهذه الفكرة

إن التوتر ينشأ في المقام الأول بسبب طريقة التفكير، وبناءً على ذلك يُعد تغيير طريقة التفكير أفضل وسيلة لمواجهة التوتر العصبي. وبالنظر إلى تاريخ تطور الجنس البشري، كان التوتر العصبي في العصر الحجري بمثابة رد فعل إيجابي من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة؛ حيث كان جسم الإنسان يفرز هرموني الكورتيزول والأدرينالين عند مواجهة خطر محدق، وبالتالي كان الإنسان لا يحتاج إلى التفكير كثيراً فيما إذا كان يتعين عليه الهرب أم الهجوم، غير أن المشكلة باتت في الوقت الحاضر تكمن في هذه النقطة تحديداً.

ويؤكد أخصائي علم النفس لوتس هيرتل، الخبير لدى الرابطة الألمانية للنوادي الصحية بمدينة دوسلدورف غربي البلاد، على ذلك قائلاً :”في الوقت الحاضر أصبح التفكير في أتفه الأمور يُشكل خطراً على الحياة؛ حيث بات الإنسان يشعر بالخطر في كثير من المواقف بشكل مبالغ فيه أو بدون مبرر وهذه الأفكار تحديداً هي سبب التوتر العصبي”.

ويقول الدكتور هربرت بروك، عضو رابطة أطباء القلب بمدينة ميونيخ جنوبي ألمانيا، إنه في هذه المواقف التافهة يحدث للإنسان المعاصر نفس ما كان يحدث للإنسان في العصر الحجري عند مواجهة خطر محدق؛ حيث يفرز جسمه هرموني الكورتيزول والأدرينالين وتزداد سرعة ضربات قلبه ويرتفع ضغط دمه، مما يؤدي إلى ضيق الأوعية الدموية وتشنجها على نحو سريع. وأضاف بروك :”وبعد حل المشكلة لا يستعيد الإنسان هدوئه على الفور؛ حيث يستغرق الأمر من ساعة إلى ساعتين حتى يشعر الإنسان بالاسترخاء مجدداً”.

اقرأ أيضا:  كيف تتغلب على الخوف والقلق النفسي

وقد يتسبب التوتر العصبي المزمن في ضيق الأوعية الدموية على الدوام، وفي أسوأ الحالات قد يصل الأمر إلى حد الإصابة بأزمة قلبية. ويلتقط الدكتور ومدرب الكوادر القيادية يورغ بيتر شرودر طرف الحديث ويقول :”إن أعراض التوتر العصبي تتمثل في ضعف التركيز وجفاف اللسان وشلل التفكير والشد العضلي والصداع التوتري وارتعاش الجفن وصرير الأسنان”.

وكي لا يصل الأمر إلى هذا الحد يجب ألا ينشأ التوتر العصبي من الأساس. ولكن هذا لا يعني أن يغرق المرء في استرخاء عميق على الدوام؛ إذ يؤكد الدكتور بروك على فائدة شعور الإنسان بقدر من التوتر، قائلاً :”لا يكون التوتر ضاراً، إذا لم يتخطى حداً معيناً”، مشيراً إلى أن هذا الحد يختلف من شخص إلى آخر ويتوقف على كيفية تقييم المرء للمواقف.

ويضرب شرودر، الذي ألف كتاباً عن كيفية التحكم في التوتر العصبي، مثالاً على ذلك ويقول :”في المواقف التي تسودها الفوضى ربما يقع الشخص المثالي الساعي إلى الكمال فريسة للتوتر العصبي بسهولة، في حين لا يمثل ذلك شيئاً للشخص المبدع الذي ربما ينتابه توتر عصبي بسبب المهام الروتينية”.

وأوضح الدكتور بروك أن غالبية البشر في الوقت الحاضر مازالوا يدركون الأمور السلبية أكثر من الإيجابية ومن ثم يقعون فريسة للتوتر العصبي، ويقول :”مع كل فكرة سلبية يستدعي المخ كل المعلومات والمشاعر المخزنة التي تتعلق بهذه الفكرة”.
لذا يؤكد الدكتور بروك أن تغيير طريقة التفكير تُعد أفضل وسيلة لتجنب التوتر العصبي، ويضرب أخصائي القلب الألماني مثالاً على ذلك ويقول :”عندما يكلف المدير أحد موظفيه بمهمة جديدة، فينبغي على هذا الموظف ألا يفكر هكذا :إنه يريد أن يقضي عليّ، بل هكذا :من الواضح أنه سعيد بعملي ويثق في قدرتي على إنجاز المهمة الجديدة بكفاءة”.

اقرأ أيضا:  هل تعلم لماذا ننسي سبب دخولنا إلي غرفة ما

وفي اللحظات الحرجة ينصح هيرتل بأن يردد المرء جُملاً من قبيل :”مَن يعلم أين يكون الخير ..”. أما مرضى القلب، فينصحهم هيرتل بالتوقف عن التفكير نهائياً، وذلك للخروج من دائرة الأفكار المفرغة.
وبالمثل ينصح شرودر بتغيير طريقة التفكير لتجنب الوقوع في براثن التوتر العصبي، وذلك بأن يُقيّم المرء المواقف في حجمها الطبيعي دون تهويل وأن يسأل نفسه عن مدى قدرته على التأثير في هذه المواقف.

فعلى سبيل المثال ينبغي على الأشخاص المثاليين الساعين إلى الكمال إدراك أنه لا يتعين عليهم دائماً إنجاز كل المهام بأنفسهم وعلى أكمل وجه، وأضاف شرودر :”لا تلتصق بالمهام الموكلة إليك بشكل زائد عن الحد، إنما احرص على وجود مسافة بينك وبينها وبينك وبين نفسك”.
وعملياً يعني هذا ألا ينجز المرء أكثر من مهمة في نفس الوقت؛ حيث ينبغي عليه الانتهاء تماماً من إنجاز المهمة الحالية قبل الشروع في إنجاز مهمة جديدة. كما يعني هذا أيضاً ألا يكلف المرء نفسه فوق طاقتها.

المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *