الاعاقة السمعية : التدريب الكلامي للأطفال ذوي الإعاقة السمعية

مقدمة:
هذا المقال هو ترجمة بتصرف واسع   مع   إضافة   بعض الشروحات ( معظم الشروحات   والإضافات   بين قوسين   هي   للمترجمة )   و إضافة بعض   أرائي الشخصية من واقع تعاملي العملي   مع الأطفال   ذوي المشاكل السمعية     لمقال بعنوان:
WHERE DOES SPEECH   FIT IN?             
SPOKEN   ENGLISH    IN   A BILINGUAL CONTEXT.
للكاتبة:    SHARON GRANEY
 ويمكن الحصول على النص الأصلي    على العنوان التالي – علما بأن   النص   مصرح   بنسخه ونقله للأغراض العلمية:
U.S. DEPARTMENT OF EDUCATION.
OFFICE OF EDUCATIONAL RESEARCH AND IMPROVENENT (OERI).
NATIONAL LIBRARY OF EDUCATION ( NLE).
EDUCATIONAL RESOURCES INFORMATION CENTER (ERIC).
 
 نبذه عن الكاتبة:
حاصلة على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة دلوير DELAWARE ) )
حاصلة على الماجستير في تقويم  اضطرا بات النطق واللغة  من جامعة جالوديت  (ALLAUDATE UNIVERSITY, WASHINGTON, DC.) وهي تعمل حاليا في مدرسة دلوير للأطفال الصم وضعاف السمع.
لديها خبرة في التعامل مع الأطفال الصم وضعاف السمع و الصم – المكفوفين.وقشكر خاص العديد من المحاضرات حول تعلم الأطفال الصم وضعيفي السمع للغتين معا ( أن يكونوا ثنائي اللغة ).
شكر  خاص  :
 كل الشكر والتقدير للأخ طارق الريس   – طالب دكتوراه في جامعة دلوير على   تعريفي بهذا الموقع الرائع الذي يحتوي على العديد من المقالات الرائعة و كان مشكورا قد أمدني بالنص الأصلي لهذا المقال عبر البريد الإلكتروني.

 

التدريب الكلامي للأطفال ذوي المشاكل السمعية
(تعليم الكلام (اللغة المحكية) كلغة ثانية في سياق ثنائي اللغة)

هل لا يزال يتكلم ؟؟؟
       كان هذا هو السؤال الذي وجهته لي أخصائية النطق و اللغة عند لفائنا بخصوص الطفل ( ج ) وهو طفل في العاشرة من العمر، يعاني من فقد سمع، و الذي كان يدرس في المدرسة التي تعمل بها قبل انتقاله للمدرسة التي أعمل بها، و( ج ) لديه قدرات نطقية جيدة ولكن تأخر لغوي واضح وهو يبذل جهداً واضحاً للاستفادة من النص والسياق للتواصل مع محدثيه، وكان قد تعلم لغة الإشارة بعد تركه تلك المدرسة بسرعة هائلة.
وكان سبب سؤال الأخصائية أنها تعتقد أنه سيتجاهل التواصل اللفظي إذا ما تعلم لغة الإشارة وهو اعتقاد خاطئ تبعاً لتجربتي الشخصية، فتعلم لغة الإشارة يدعم تعلم اللغة المحكية، ( وهذا لا يعني بالضرورة أن جميع الأطفال الصم وذوي الصعوبات السمعية سوف يطورون لغة محكية فاعلة للتواصل اللفظي كوسيلة تواصل وحيدة)، و لكن دمج اللغة الأولى ( الإشارة ) في تعلم لغة ثانية ( المحكية ) سوف يساعد في تطور مهارات تواصلية مقبولة إلى أقصى حد ممكن ويجب أن يتم بوجود سياق مناسب وكافي لتعلم وممارسة اللغة الثانية.
        وسوف نناقش في هذه الورقة بعض العناصر التي تؤثر على تطور اللغة المحكية لدى الأطفال الصم وضعيفي السمع، وذلك في بيئة المدرسة التي تعتمد على لغة الإشارة كلغة التواصل الأساسية في الصف ( أي لغة تدريس المواد الدراسية )، والهدف الأساسي لهذه الورقة ليس تقديم برنامج متكامل لتعليم مهارات اللغة المحكية ولكن للبدء بالتأسيس لإطار لتقييم و تطوير المهارات التواصلية لكل شخص لدية مشكلة سمعية.
 
        وتفتح التوجهات الحالية لتعليم الصم و ضعاف السمع آفاقاً جديدة للطرق الفعالة والخلاقة التي تشجع على تطوير اللغة المحكية، واحترام الهوية الثقافية لكل طفل (لغته ألام )، وعلى نقاط قوته اللغوية، و سوف يستطيع المعلمون مساعدة الطلاب على فهم وإتقان اللغة المحكية وبالتالي مساعدتهم بالنجاح الدراسي.
       ويساعد أخصائي النطق و اللغة – التواصل – الذي يؤمن بهذه الأفكار في تعزيز عملية التواصل بالجمع، أي التي تجمع بين اللغة المحكية و المكتوبة بالإضافة للغة الإشارة، والتعاون بين معلمي الصفوف و المختصين في التعامل مع الأطفال الصم وضعاف السمع، وتحفيز مشاركة العائلة والمجتمع المحيط لإيجاد تجارب ذات معنى ( مفيدة )، هي بعض المكونات الهامة لتطوير المهارات اللغوية للطفل بدون التضحية بالإنجاز الأكاديمي أو الحالة الاجتماعية – النفسية له.
 
العناصر الداخلية في تطور اللغة المحكية:
الأطفال الصم أو ضعاف السمع ليسوا مجموعه متجانسة ( أي أنهم لا يتشابهون من جميع النواحي )،  ولذلك تتأثر قدرة أي طفل على تطوير لغة محكية تبعاً للعديد من العناصر الخاصة به وبشخصيته، وهذه يطلق عليها العناصر الداخلية، وفي رأيي هناك متطلبين رئيسيين يجب توفرهما في الطفل لتحقيق نجاح في اكتساب اللغة المحكية وهما:
o الاستعداد البيولوجي ( الجيني)
o والدافع الداخلي ( الاهتمام ).
ويمكن تجزئة هذين العنصرين إلى بعض الأجزاء المحددة، و تشمل هذه الأجزاء:-
o نسبة السمع المتبقية
o الاستفادة من المعينات السمعية ودرجة الاستمرارية أو الثبات في لبس السماعة والمدة الزمنية لذلك.
o الاستعداد اللغوي وهو عامل متراوح من طفل لأخر.
o الدعم الأسري.
o الذكاء والدافعية لدى الأهل و الطفل معاً.

     ويلعب كل عنصر – كما سيناقش لاحقاً- دوراً معقداً ومتداخلاً في التطور الكلي لمهارات اللغة المحكية، وليس هناك عنصر واحد فقط يحدد مدى التطور الذي سيحققه طفل أصم أو ضعيف السمع في وضوح اللغة المحكية مستقبلاً، وعلى كل حال فإن العناصر المتصلة بدرجة تعرض الطفل للغة المحكية( سماعيا ) هو العامل الأكثر أهمية،  ويواجه الأطفال الذين لديهم فرص ضعيفة في التعرض للجزء المسموع من اللغة وغير القادرين على استخدام سمعهم لمعرفة ما يقولونه – فهم يواجهون تحدياً كبيراً أمامهم.
ومع وجود استثناءات، فإن الأطفال الذين يتعرضون للجزء المسموع من اللغة اقل من غيرهم ( يسمعون لغة محكية أقل) يكونون أقل قدرة على تطوير لغة محكية فاعلة للتواصل.
      ورغم أنني اعتبر أن درجة اهتمام الطفل أو دافعيته تعتبر عنصراً فاصلاً في تعلم اللغة المحكية، فإن هذا العنصر يتأثر كثيراً بدرجة التعرض للمعلومات المسموعة، لأن هذا التعرض يجعل اللغة المحكية أكثر تفاعلاً ومعنى، أما إذا تساوت جميع العناصر من ناحية التعرض للغة المحكية، فإن درجة الاهتمام / الدافعية تصبح هي العنصر المهم والذي يؤثر بقوة على قدرة الطفل على تطوير مهارات لغة محكية، وهو عنصر يمكن أن تشجيعه و لا يمكن الإجبار عليه، والمثال الذي أذكره دائماً للأهل هو الرياضة أو الموسيقى، فالأهل المهتمون برياضة معينة أو موسيقى معينة يحبون أن يهتم أولادهم بهذه المهارة أيضاً،  فإذا كان للطفل ميول أو استعداد لنفس هذه المهارة فهو سيحقق نجاحا بها، أما إذا تم إجباره عليها فهو غالباً لن يطور مهارات هامة فيها، وهذا لا يعني أنه لا ينبغي عدم تشجيع الطفل على المشاركة في هذه النشاطات، ولكن يجب أن يتم ذلك بتعريض الطفل للممارسة الدورية، على أن تكون ممتعة وعلى أن يكون اهتمام الطفل هو العامل المحدد للدرجة التي يتم بها تدريبه على هذا النشاط.
وطبعاً فان العديد من الآباء يرغبون بأن يتكلم أبناؤهم، وأن يتواصلون بسهولة مع المجتمع بالطريقة اللفظية، ورغم أن رغبة الطفل في التواصل اللفظي أو تعلم اللغة المحكية لا يمكن أن تقارن فعليا برغبة الطفل في النجاح برياضة معينة،  إلا أن هناك الكثير من الحواجز التي تحد من نجاح الطفل رغم رغبته الداخلية في أن يتكلم.
 
كمية السمع المتبقية:-
         يمكن قياس دقة سمع الطفل بموضوعية وتوثيقها على تقرير فحص السمع، ولكن عند مناقشة المهارات السمعية لأي شخص فإن من المهم ذكر أن هذا التقرير غالباً لا يستطيع عكس القدرات السمعية الفعلية للطفل، حيث يقدم قياس السمع معلومات حول مدى دقة سماع الطفل للنغمات الصافية ( Pure Tones )، ولا يشير إلى أي مدى يمكن أن يفهم الطفل اللغة المحكية داخل أو خارج سياق التواصل اللفظي، وقد خبرت خلال سنوات عملي أطفالاً ذوي ضعف سمع شديد كانت لديهم قدرة أفضل على التعامل مع اللغة المحكية من أطفال ذوي ضعف سمع متوسط، وليس هناك سبب واضح لمثل هذه الحالات.
 
المساعدات السمعية:-
        يتفاعل كل طفل بشكل مختلف مع السماعات،  والواقع أن استعمال المساعدات السمعية يزود الطفل بفرصة مناسبة للتعرض للغة المحكية بشكل جزئي أو كلي، ولكن الحقيقة العلمية هي أن ضعف السمع لا يضعف فقط استقبال الإشارة السمعية ( الأصوات ) بل إنه قد يشوه هذه الأصوات أيضاً، أي أن الطفل حتى مع وجود السماعة لا يسمع الأصوات ( سواء الكلامية أو غيرها ) كما يسمعها الشخص العادي.  
    وللتوضيح –    فإن استخدام السماعة يمكن أن يشبه الراديو، حيث تزيد السماعات من علو الكلام الذي يسمعه الطفل، أما إذا كانت الإشارة ( الصوت ) التي يسمعها الطفل مليئة بـــالضجيج والتشويش، ففي هذه الحالة فان استخدام السماعات قد لا يكون عظيم الفائدة.
       ويمكن لزراعة القوقعة أن تزيد علو الصوت، وبالتالي تعطي معلومات مسموعة أفضل ( وذلك بإثارة القوقعة مباشرة )، ورغم أنها قد تزيد الشعور بالصوت، فإن نسب نجاحها في تطوير مهارات لغة لفظية بالنسبة للأطفال الذين لم يتعلموا اللغة قبل فقدان السمع لا تزال غير مؤكدة تماماً، لذلك فأنه من المهم أن نأخذ بالاعتبار جميع العناصر ذات العلاقة بتطور اللغة عند التفكير بتقديم معينات سمعية وخصوصاً الزراعة.
    ومن المهم جداً مراقبة سلوك الطفل لتحديد مدى استفادة الطفل من المساعدة السمعية، ويمكن الافتراض بأن استخدام المساعدات بشكل مستمر في أجواء – بيئات مفيدة للطفل (الذي يبدو أنه يستفيد من السماعات) سوف يكون له تأثير جيد على تطور لغته المحكية.
 
الاستعداد اللغوي:-
    إن الاستعداد اللغوي هو عنصر هام في تطور اللغة المحكية، ويكون تطور اللغة المحكية أسهل بالنسبة للأطفال ضعاف السمع الذين لديهم لغة إشارة قوية،  ويظهر ذلك جلياً لدى الأطفال الصم المولودين لآباء صم مقارنة بالأطفال الصم المولودين لآباء سامعين،  وذلك لأن الطفل الأصم الذي لديه مجموعة جيده من المفاهيم وقدرة جيدة على توصيل أفكاره ومشاعره هو أكثر قدرة ورغبة لتعلم المهارات الضرورية لتطوير مهارات اللغة المحكية( وهذا يوفره وجود لغة سابقة لدى الطفل توفر له التعرف على هذه المفاهيم، والقدرة على توصيل الأفكار والمشاعر، وهي هنا لغة الإشارة )،  إضافة إلى ذلك – فإن الأبحاث الحديثة أوضحت العلاقة بين الكفاءة في لغة الإشارة ( إتقانها )، وتعلم اللغة المحكية، ومعرفة اللغة المكتوبة قد يكون أداة قيمة لتطوير الاستعداد لتعلم اللغة المحكية،  حيث يتمكن الطفل ضعيف السمع و القادر على القراءة من الربط بين الكلمة المطبوعة و الكلمة المحكية،  وخصوصاً إذا كان أخصائي التواصل يقوم بالتدريب على المهارات المحكية والمسموعة عبر قصص أو جمل ذات معنى للطفل، وكذلك تقديم نموذجاً صحيحاً للهيكلة اللغوية، ويساعد هذا المعزز البصري ( اللغة المكتوبة ) على تدريس قواعد تجميع الأصوات لتكوين كلمة جديدة، وتقدم اللغة المكتوبة أيضاً طريقة جيده للأطفال لاكتساب وإتقان قواعد اللغة أكثر بكثير مما يمكنه الحصول عليه من اللغة المحكية ( سماعيا )، ومعرفة هيكلة و نظام وقواعد اللغة مهم عملياً عند قراءة الشفاه،  والذي يتطلب تعبئة / إغلاق الكثير من الفجوات السماعية ( وذلك بتوقع أو تخمين ما لم يتم سماعه أو ملاحقته من الشفتين أثناء الكلام )، وهكذا فإن المهارات الدراسية المبكرة و التي تتطور عند ترجمة اللغة المقروءة يمكن أن تساعد أيضاً في تعزيز مهارات اللغة المحكية.
 
دعم الأسرة:-
       إن دعم الأسرة هو عنصر أساسي ليس فقط من أجل التطور النطقي واللغوي، و لكن أيضاً للتطور العقلي والعاطفي، فالأسرة التي تقبل طفلها وتحترم احتياجاته اللغوية سوف تساعد هذا الطفل للوصول إلى أفضل ما يمكنه الوصول إليه من مهارات.
ومن واقع خبرتي فإن الطفل الذي يلمس اهتمام ودعم وتقبل الأسرة له،  تصبح لديه القابلية والدافعية لمواجهة أصعب المواقف التي يمكن أن تواجهه أثناء تعلم اللغة المحكية، والأطفال الذين لديهم مثل هذا القبول من عائلاتهم يطورون قدرات أوسع وأكثر مرونة في عملية التواصل،  فيما يواجه الأطفال شعورا أكبر بالضغط والصعوبة عندما يكون اهتمام الأهل منصباً على التطور الكلامي فقط،  فالدعم الواسع والتشجيع يجعل الطفل يكوّن شعوراً بالثقة، وهذا الشعور ضروري للنجاح في التواصل، ويكون هؤلاء الأطفال مزودين بمهارات تساعدهم في التغلب على صعوبات التواصل المطلوب منهم تطبيقها واستخدامها أثناء تعلم مهارات التواصل.
 
القدرة العقلية:-
       إن القدرة العقلية أو درجة ذكاء الطفل ليست دائماً مؤشراً جيداً على قدرته على تطوير لغة محكية، فالعديد من الأطفال الصم ذوي الذكاء العادي لا يطورون لغة محكية فاعلة رغم الجهد القوي المبذول، فيما يمكن أن يكون أطفال لديهم ذكاء أقل مهارات لغوية أفضل، ويكون لدى الأطفال ( الذين يتم دعم تطورهم اللغوي والعقلي مبكراً في حياتهم ) القدرة على التعامل مع اللغة كمهارة أخرى ممتعة يتعلمونها ضمن المهارات الأخرى، ومع الوقت فإن فهمهم لأهدافهم   ودرجة دافعيتهم تتطور عندما يرون نجاح جهودهم.
 
لغة الإشارة أم اللغة المحكية:
    إذا لم تتوفر طرق موضوعية لتحديد الاستعداد اللغوي لدى الطفل ضعيف السمع فكيف يمكن توقع استعداد هذا الطفل لتطوير لغة محكية ؟  
      وقد كان يطلب من الأهل في السابق- وحسب النظرية الأولى لتعليم الأطفال الصم وضعيفي السمع- الذين يرغبون تعليم طفلهم اللغة المحكية أن لا يعلموه لغة الإشارة، وبعد سنوات من التدريب الكلامي وعدم النجاح في تطوير لغة محكية فاعلة للتواصل مع الآخرين يتم تعليم الطفل لغة الإشارة كلغة مساعدة أو مساندة،  ورغم أنه حالياً يتم تعليم واستخدام لغة الإشارة من معظم الأطفال ضعيفي السمع في السياق التعليمي، فإنه لا يزال هناك اعتقاد قوي لدى الكثيرين بأن تعلم لغة الإشارة سوف يجعل الطفل لا يتكلم أو يتعلم الكلام، وللأسف يؤثر هذا الاعتقاد سلبا على مصلحة الطفل، أما النظرية الثانية فتقول أنه يجب أولاً تعريض الطفل للغة الإشارة فقط، فيما يتم تعليمه اللغة المحكية بعد إتقانه لغة الإشارة.
       وبناءاً على ما تقدمه هاتين النظريتين فإن الطفل يتعرض فقط لواحدة من اللغتين، مما يحد من إمكانيات تطوره في اللغة الأخرى،  أما بوضع الطفل في مكان يقدم اللغتين معا وبنفس الاهتمام، لكن مع فصل السياق ( أي يتم تقديم كل لغة في مكان مختلف وليس معا في نفس السياق )، فإن الأهل والمعلمون سوف يتمكنون من تحديد قدرات الطفل على تطوير كل مهارة على حده،  و مدى نجاحه في كليهما.
       إن تطور اللغة هو أحد أهم أساسيات برامج التعلم المبكرة، ولأن قدرة الطفل ضعيف السمع على اكتساب اللغة عبر الوسيلة السماعية – أو ما يدعى اللغة المسموعة – محدودة، فإنه يتم الاستعانة وبقوة باللغة المرئية أي المكتوبة في المدرسة، فيما يمكن تعريض هؤلاء الأطفال للغة المحكية المسموعة في المدرسة أو البيت في سياقات آمنة و متوقعة ( مخطط لها )،  وهكذا يتم تعريضهم للغتين بشكل منفصل خلال نشاطات الحياة اليومية، مما يمكن من مراقبة تطورهم في اللغتين بشكل أكثر وضوحاً، وعندما يتم تحديد مدى استعداد الطفل على تطوير لغة محكية، يتم إتباع قدرات الطفل وتفضيلا ته وتعديل مستوى اللغة المقدمة له تبعا لذلك. 
ويبدو من المنطقي التساؤل — لماذا لا يتم استخدام اللغتين معاً في نفس الوقت ؟
والسبب هو لجوء العديد من المعلمين لطريقة التواصل المتزامن (Simultaneous Communication)     أثناء تدريس الأطفال ضعيفي السمع في الصفوف الدراسية، وهي طريقة تعتمد على توصيل اللغة المحكية حسب إشارات يدوية معينة ( كمساعد بصري ) مع الكلام في نفس الوقت ( بالتزامن )، وتفيد بعض التجارب العلمية بأن الأطفال اللذين يستخدمون اللغة المحكية بمعزل عن الإشارة يصبح تواصلهم اللفظي أفضل من اللذين يتكلمون ويؤشرون في نفس الوقت ( تعتقد المترجمة بأن ذلك يعتمد على الطفل نفسه بالإضافة إلى عدد من العناصر الأخرى مثل درجة السمع ومدى الاستفادة من المعينة السمعية وعمر الطفل عند البدء بالتدريب وتعاون الأهل   والمعلمين وغير ذلك )، وهكذا فإن إبقاء اللغتين منفصلتين يعطي الخيار للطفل ( كأي طفل ثنائي اللغة ) لاستخدام أية لغة يفضلها أو يحتاجها حسب السياق الذي هو فيه.
وكذلك فإن جلسات التدريب النطقي اللغوي ينبغي أن تركز على استخدام اللغة المحكية للتواصل في بيئات تواصلية حقيقية بهدف تحقيق التواصل اللفظي الناجح في الحياة العادية، وجعل تعلم اللغتين منفصلاً يساعد الأخصائيين والمعلمين بدقة أكبر على تحديد مدى تقدم الطفل ووضوح كلامه بدون إشارات مساعدة، ومراقبة فهمه للكلام اللفظي، مما يساعد الأطفال على إدراك متى يكون كلامهم مفهوماً ومتى لا يكون، وبالتالي يساعدهم على معرفة متى يحتاجون لوسائل تواصل بديلة.
 
التوقعات الواقعية:-
      ما يمكن أن يصل إليه الطفل ضعيف السمع مع التدريب الكلامي ( أي المستوى اللغوي المحكي ) يتراوح بين استخدام اللغة المحكية بفاعلية ممتازة وأقرب للعادية، واستخدام جمل معقدة و مفردات متنوعة،  إلى استخدام مفردات محدودة في مواقع / سياقات محددة، ولا يمكن أبداً التوقع إلى أي مستوى سوف تصل لغة الطفل المحكية،  ولهذا وبغض النظر عن توقعات أو أمنيات الأهل، فإن قدرة كل طفل وما سوف تصل إليه لغته يخضع لعدة عوامل كما سبق وذكرنا، ومن المهم معرفة أن ذلك يتراوح من مجرد معرفة المهارات الأساسية للغة المحكية، إلى لغة محكية أقرب للطبيعة،  والاشتراك في حوار يومي عادي – مع وجود صعوبات في فهم بعض المفاهيم المجردة والمعقدة،  فيما قد يصل البعض إلى مستوى عالي في معرفة اللغة اللفظية ولكن تبقى لديه مشاكل في تطبيق ما تعلمه في الواقع الحياتي.
 
والسؤال هو —- عن الوقت و الجهد الذي سوف يطلب من الطفل بذله لتحقيق أقصى ما يمكن أن يصل إليه ؟
   وهنا ينبغي الأخذ بالاعتبار التوازن بين التدريب اللفظي واللغوي والدراسي، ورغبة الطفل وتقبله النفسي للتدريب، ونظرته لنفسه ونجاحه في استخدام هذه اللغة في حياته اليومية، وإلى أي مدى ستكون قدرته على تتبع مسار الحديث المسموع، لهذا ينبغي على الأهل و المختصين تحديد الأهداف بناءاً على القدرات الواقعية للطفل، ويمكن للأسئلة التالية أن تساعد في تحديد أهداف واقعية للتدريب وهي تطرح على الأهل:-
o هل الطفل يجيب دائماً عند مناداته باسمه بدون إشارة ؟
o هل يستجيب لأصوات البيئة دائماً ؟
o يزيد من التواصل اللفظي عند بداية ارتدائه للسماعة ؟
o ينظر إلى وجهك باهتمام عندما تتحدث إليه ؟
o يتوقع الأصوات أو المقاطع التي تستخدمها باستمرار مثل ( ياه – يوه – آه ).
o يقلد حركات الشفتين.
o يصدر مقاطع.
o يقلد نغمة الصوت Intonation.
o يستخدم المقاطع التي يصدرها وكأنها كلمات حقيقية للتواصل.
o يستخدم بتلقائية كلمات مفردة.
o يصدر نغمة السؤال بشكل تلقائي.
 
اكتساب لغتين معاً:
   كي يستطيع الطفل أن يكون ثنائي اللغة فإنه من المهم له أن يتعرض بشكل فاعل لكلتا اللغتين، ويحدث هذا بشكل طبيعي عند اضطراره لاستخدام لغتين في بيئته اليومية، وينبغي على الأقل التركيز على لغة واحدة بشكل كامل وإلا كان الطفل في خطر عدم تطوير أي من اللغتين بشكل ناجح، ومن الطرق المتبعة في ذلك:
o تحديد مجموعة من الأشخاص، بحيث يتحدث كل منهم إحدى اللغتين مع الطفل
o تحديد أوقات محددة لاستخدام كل لغة
o استخدام لغة معينة في المنزل وأخرى خارجه أو استخدامها بالتبادل.

اقرأ أيضا:  وسائل الأمن والسلامة في مباني ذوي الإحتياجات الخاصة

         والسؤال حول أي هذه الطرق سوف يساعد الطفل ضعيف السمع لاكتساب لغة محكية فاعلة ومناسبة للتواصل الاجتماعي،  تكون إجابته صعبة، وتعتمد على تعرض الطفل بشكل كافي للغة المحكية،  إضافة للعناصر التي سبق ذكرها، وأفضل طريقتين للاستخدام هما:-
o تحديد أشخاص معينين لاستخدام كل لغة.
o تحديد أوقات – مواقف أو ظروف – لاستخدام كل لغة.
ويمكن وحسب الضرورة استخدام إشارات يدوية أو جسدية أو بصرية للمساعدة في توصيل المعلومة أثناء التواصل اللفظي مع الطفل.
       و تذكر نتائج   دراسات وأبحاث ( من خلال تجارب سابقة مع الأطفال ضعاف السمع ) بأنهم ينقسمون إلى ثلاث مجموعات ( حسب ما سوف يحققونه من نجاح في اكتساب اللغة المحكية مستقبلا ):-
1. أطفال يكون تعرضهم للغة المسموعة كافياً بحيث يمكنهم من الناحية الظاهرية أن يكتسبوا لغة محكية قريبة من العادية ( طبعاً مع وجود السماعات).
2. أطفال يكون تعرضهم للغة المسموعة محدوداً بحيث لا يمكنهم اكتساب مهارات الكلام بشكل طبيعي ( الاتصال مع الآخرين )، بل يحتاجون لمن يعلمهم هذه المهارات، وتختلف قدرة كل طفل على اكتساب اللغة المحكية عن الآخر.
3. أطفال تعرضهم للغة المسموعة ضعيف بسبب ضعف السمع الشديد أو إعاقات أخرى مصاحبة أو أسباب أخرى، وهؤلاء لن يطوروا لغة محكية فاعلة ( حتى بالحدود الدنيا )، ولذا من الأفضل قضاء وقت وجهد أكبر في تطوير مهارات قراءة الكلام ( الشفاه) ومهارات التواصل الكلي والكتابة.
      وهناك تفاوت شاسع بين الأطفال ليس فقط في مهارات اللغة المحكية التي سوف يطورونها، بل في طريقة تعلم واستخدام هذه المهارات، ورغم أن الهدف الأسمى للجميع هو الوصول إلى أقصى ما يمكنهم الوصول إليه من الكفاية التواصلية، إلا أن لكل طفل طرق مختلفة في تعلم ومن ثم استخدام هذه المهارات.
 
اكتساب اللغة المحكية من خلال التفاعل الطبيعي:-
        قد يطور الأطفال من المجموعة الأولى مهارات لغة محكية قوية ويكونون ثنائي اللغة ( المحكية ولغة الإشارة )، وتتراوح قدراتهم اللغوية من الأقرب للطبيعية ( قريبة من الأطفال السامعين ) مع تأخر بسيط ( حوالي 6 أشهر عن العمر الزمني )،  إلى تأخر بالسنوات عن عمرهم الزمني، والعاملين الأكثر تأثراً في كلام هؤلاء الأطفال ( أي العاملين الذين يظهر فيهما مشاكل أكثر من غيرها من عناصر اللغة ) هما النطق و التنغيم Intonation.
وقد يتساءل البعض لماذا يتم تعليم لغة الإشارة لطفل يمكنه أن يطور لغة محكية مقبولة؟
والإجابة كما سبق شرحها تتمثل في صعوبة التنبؤ بالمستوى الذي قد يصل إليه أي طفل في اكتساب لغة محكية عبر السياق السمعي فقط.

اقرأ أيضا:  الاعاقة السمعية : تصنيفات الإعاقة السمعية

البيئة الطبيعية للحديث:
    كما هو معلوم فإن معظم الأطفال ضعاف السمع يمكنهم اكتساب اللغة عبر الطريقة المرئية ( البصرية )، ولهذا فإنه من الحكمة تقديم مثل هذه المساعدة لهم، وعدم المخاطرة بتقديم نوع واحد من المعلومات، وخاصة في المرحلة الحرجة من حياة الطفل لاكتساب اللغة ( من سنتين إلى ست سنوات)، وتشير الأبحاث إلى أن الدماغ لا يفرق بين لغة الإشارة واللغة المحكية كمدخلات لتطوير اللغة الأولى، لأن كلتاهما لهما الخصائص الرئيسية للغة، وهكذا فإن أي طفل يكتسب لغة الإشارة كلغة أولى سوف تبقى لديه القدرة على اكتساب لغة أخرى، و لن يخسر شيئاً بالمقارنة مع الطفل الذي يبذل جهداً لاكتساب اللغة المحكية عبر الوسيلة السمعية فقط بدون استخدام وسائل بصرية، فمثل هذا الطفل يكون معرضا" لخطر اكتساب قدر ضئيل من أي من اللغتين، أو سوف يطور فقط فهما سطحيا للغة المحكية، وهذه الـمهارة السطحية هي ما يدعى مهارات التواصل الأساسية.
       أما الدرجة التالية من الكفاءة اللغوية وهي ما يدعى بالكفاءة المعرفية الدراسية، ويحتاج الطفل لاكتساب هذه الدرجة من الكفاءة من أجل تكوين الأساس المعرفي للغة، والتي يعتمد عليها في تطوير المهارات المعرفية والدراسية ( أي مهارات القراءة والكتابة ). 
    وبكلمة أخرى فإن اللغة المحكية رغم أنها كافية للتفاعل اليومي المباشر لبعض الأطفال ضعاف السمع، فإنها لن تخدمهم بنفس الفعالية في تبادل المعلومات المجردة والمعقدة مثل لغة الإشارة المتطورة، أما إذا ما تطورت مهارات اللغة المحكية لدى الطفل لدرجة نجاحه في المدارس العادية بدون مترجم،  فإن تعلمه للغة الإشارة سوف يفيده في التعامل مع أقرانه من الصم و ضعاف السمع الذين لم يطوروا لغة محكية مناسبة.
ومن خلال الخبرة الشخصية للكاتب — فإن استفادة الأطفال من لغة الإشارة كطريقة بصرية لفهم الكلام قد أفادهم بشكل كبير في النجاح في الصفوف العادية، ولم يكن أبداً حاجزاً لتقدمهم في اكتساب اللغة المحكية.

         وهكذا فإنه بالنسبة للمجموعة الأولى — فإن تحفيز اكتساب اللغة المحكية يحصل تقريباً بنفس طريقة اكتساب الأطفال السامعين للغة، ويمكن لأخصائي النطق و اللغة الاستفادة من الكتب المنهجية أثناء تدريب الأطفال في المدرسة لمضاعفة تعرض الطفل لنشاطات لغوية محكية ومفيدة له في المنهج الدراسي و بطريقة طبيعية، وكلما تقدم الطفل بالعمر قد يحتاج للتدريب على النصوص النحوية والصيغ اللغوية المتقدمة والمعقدة، ورغم تطور اللغة ووضوحها، إلا أنه تبقى لديهم مجموعة متراوحة من الأخطاء، وهنا ينبغي العمل على تصحيح هذه الأخطاء اللغوية قبل ثباتها ( مثل ظروف المكان والزمان ).
      و هناك أخطاء أخرى لكن لا يمكن التدريب عليها حتى يطور الطفل المهارات فوق اللغوية Metalinguistics   وهي مهارات القدرة على الحكم على صحة أو خطأ اللغة باللفظ ( أي القدرة على قول أن هذه الصيغة اللغوية صحيحة أو خاطئة عند سؤاله عن ذلك لفظيا فقط، فمثلاً – يجب أن يعرف مفهوم الجمع قبل أن يضيف ( ات ) إلى الاسم، خصوصاً إذا كان لا يسمع الأصوات ذات التردد العالي، ويمكن الاستفادة من تعلم الكتابة للمساعدة في وصول مثل هذه المفاهيم بسهولة، وينبغي في هذه المرحلة عمل برنامج متكامل بين معلم الصف وأخصائي النطق واللغة للعمل على تصحيح هذه الأخطاء.

       وهنا يتبادر إلى الذهن التساؤل —- طالما أن الطفل سوف يتكلم ويستخدم الكلام بطريقة فاعلة، فما الحاجة لتعلمه للغة الإشارة ؟ (لان البعض يعتقد أن ذلك سوف يجعل الطفل يعتمد عليها مما سوف يخفف من تعلمه اللغة أو يحد منها )
والواقع العملي يعاكس هذه الاعتقادات، فلغة الإشارة هي كأي لغة أخرى، وتعلمها لا يحد من تعلم لغة أخرى ( مثل تعلم الإنجليزية و الفرنسية معا، أو العربية والإنجليزية معا في نفس الوقت ).
        أما بالنسبة لسبب تعلمها إذا تطورت لغة محكية، يمكن الاستعانة بها كوسيلة بصرية للتعلم وشرح المفاهيم والقواعد، سوف يتعلم الطفل أن يستخدمها كمساعد له في فهم سياق الحديث في اللحظات التي يعاني منها من مشكلة في سماع ما يدور حوله أو ضعف البطارية أو غير ذلك، وأيضا تعلم لغة الإشارة ضروري للتفاهم مع الأطفال الآخرين ذوي المشاكل السمعية والذين لم تتطور لديهم لغة محكية كافية للتواصل.
       ويستطيع الطفل أن يستعمل اللغتين في المكان والسياق المناسبين تماماً مثلما يستعمل السامعون لغتين و يتنقلون بينهما ( مثل اللغة العربية و الإنجليزية ) حسب المستمع، وسياق الحديث،  وهذا ما يطلق عليه اللغويين اسم Code Switching ( وتؤيد المترجمة تماما ذلك من واقع خبرتها العملية ).
 
تعلم اللغة المحكية عبر التعليم والممارسة:
     وتشمل هذه المجموعة – الأطفال الذين لديهم ضعف سمع أكثر حدة، ولديهم مؤشرات عديدة لاستعداد متوسط لاكتساب اللغة المحكية عبر التفاعل اللغوي وحده ( أي أطفال المجموعة الثانية)، وهؤلاء الأطفال لا يتعلمون اللغة بسهولة عبر التواصل السمعي، رغم استخدامهم السماعات، وقد يستطيعون تعلم إصدار الأصوات الكلامية و بعض المفردات، وقد يستفيد هؤلاء الأطفال بشكل كبير من تعلم القراءة و الكتابة لتعلم قواعد اللغة، وهنا لا يكون هدف التدريب النطقي و اللغوي الطلاقة بالحديث اللفظي،  بل يمكن تدريبهم على استعمال اللغة المحكية بالدرجة الدنيا ( الأساسيات )، وغالياً يطورون مهارات قراءة الكلام والتي تساعدهم في مواضع عديدة من سياقات الحديث، وبالتالي فقد يستطيعون المجاراة في الحديث في بعض المواضع.
      ويتركز التدريب لهؤلاء الأطفال على الطرق التقليدية لتعلم الأصوات الكلامية – وبعض القواعد اللغوية وبعض مهارات المحادثة، أي أن هؤلاء الأطفال يجب أن يتعلموا هذه المهارات لأنهم فعلياً غير قادرين على اكتسابها بأنفسهم عبر التواصل العادي، والبقايا السمعية الموجودة لديهم، وهذه الطريقة تختلف تماماً عن اكتساب اللغة بالطريقة الطبيعية، ولذا يكون تطورهم أبطأ، ولهذه الفئة يعتبر تعلم لغة الإشارة ضرورياً لهم من اجل أن يكون لديهم لغة يمكن من خلالها تعليمهم اللغة الثانية، ومناقشتهم حول ما تعلموه.
وهنا يجب أن يتعاون أخصائي النطق و اللغة مع الأهل و المدارس لتحديد أهداف التدريب المناسبة لكل طفل حسب حاجته – مستوى صفه – اهتماماته، واهتمام الأهل وتوقعاتهم ( مثل تعلم الحديث مع الأهل – الضيوف – الطلب من المطعم – الملعب —- الخ ).
 
التواصل في المجتمع:
     أما الأطفال في المجموعة الثالثة — فيظهرون استعداداً ضعيفاً لتطوير لغة محكية فاعلة، وهم يكتسبون اللغة التعبيرية والمعلومات الأكاديمية عبر لغة الإشارة واللغة المكتوبة، وهؤلاء الأطفال قد يستمرون في التدريب النطقي اللغوي أو قد ينقطعون عنه إذا ما ظهر عدم استفادتهم الكبيرة منه، ويتم التركيز على مهارات التواصل الأكثر فائدة للطفل مثل لغة الإشارة والكتابة وقراءة الكلام ( الشفاه ) واستخدام ما استطاعوا اكتسابه من كلمات أو جمل يمكنهم نطقها بوضوح، وتحريك أفواههم كتقليد لنغمات الكلمات، ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى ممارسة طرق التواصل التي يعرفونها في مختلف السياقات والنصوص وتطوير مهارات جديدة، ويبقى لدى البعض الآخر مشاكل تواصلية حقيقية في جميع وسائل التواصل، فلا يستطيعون النجاح الكامل في استعمال أية طريقة للتواصل بها و بثقة و فعالية.
       و يجب دائماً العمل على تقييم قدرات كل طفل وتزويده بمهارات جديدة يمكن تطبيقها في عدد من السياقات، وتحضير مناسبات لتطبيق ما يتعلمون،  ومناقشة حاجاتهم التواصلية.
         وخلال العديد من السنوات السابقة كانت هذه الطريقة هي الطريقة المتبعة في تعليم الأطفال ذوي المشاكل السمعية الصغار ( الصفوف الابتدائية )، ورغم أنها كانت موجهة لأولئك الذين ليس لديهم تواصل لفظي فاعل، إلا أنها حققت نجاحاً مع معظم الأطفال ضعاف السمع بجميع مستوياتهم،  و تشمل هذه المهارات:-
o قراءة الكلام باستخدام:  قراءة الشفاه – تعبير الوجه
o فهم    سياق الحديث
o الاستفادة من الإشارات المفهومة من البيئة لفهم الكلام المحكي.
o التدريب على إصدار الأصوات الكلامية ( التدريب النطقي ).
o التدريب على توضيح الكلام،  وذلك بتعلم كيفية نطق المفردات التي يتعلمونها بوضوح
o القراءة ( تشجيعهم على قراءة كل شيء مكتوب مثل لوحات الطرق الإرشادية – وسائل المواصلات – قوائم الطعام في المطاعم — ).
o تعلم كيفية إصلاح التواصل أو انقطاعا ته، أي مهارات الاستمرار في الحوار مثل سؤال الشخص الآخر أن يعيد ما قاله، أو يعيد توضيح ما قاله بطريقة مختلفة مثل الكتابة أو تقليل عدد الكلمات.
o تقنيات التوقع،  وذلك عبر تعلم توقع الأحداث من خلال نصوص أو سياقات معينة والاستعداد لاستخدام طريقة التواصل المناسبة في المكان المناسب ( قبل التواصل ) مثل توقع ما سوف يقوم الطبيب بسؤاله – أو صاحب الدكان – البائع.
o مهارات استخدام اللغة،  وذلك بتطوير المعرفة لكيفية استخدام اللغة ( بدء الحوار – متابعة الحوار – الدور في الحديث – استعمال   اقتباسات أو جمل معروفه ومباشرة -وأية وسائل أو أوجه أو طرق لغوية تخدم في السيطرة على تغيير المعنى )
 
 وهناك العديد من العناصر المختلفة التي يجب أخذها بالاعتبار عند نية التدريب على التواصل   أهمها:-
o طرق التواصل التي يستخدمها الطفل، أي الطرق التي سوف تثير اهتمام الطفل وتعطي قيمة حقيقية لما يتدرب عليه.
o هل يمكن للطفل المشاركة بالحوار مع أو بدون إشارات مساعدة (بعض الأطفال يمكنهم التدريب من خلال الصور فقط،  فيما البعض الآخر لن يجدي معه التدريب إلا باستخدام وسائل وسياقات حقيقية ).
o تدريب الطفل على استخدام أكثر من طريقة للتواصل في نفس السياق (الكتابة – الإشارة لكلمات مكتوبة – الإشارة لما يودون طلبه — الخ).
 
الخلاصة:-
      الهدف من هذا المقال هو إثارة حوار، أو البدء في النقاش حول ماهية وواقعية توقعاتنا لتطور الكلام لدى الأطفال ضعاف السمع – وتطور مهارات اللغة والتواصل   لديهم، وطبعا تكون أهداف التدريب لكل طفل هي تطوير مهاراته اللغوية لتعزيز نجاحه الدراسي والوصول بقدراته التواصلية إلى أقصى   ما يمكنه   الوصول إليه من مهارات (الكتابية – الكلام –   الإشارة )، ويمكن للأهل والأخصائيين بعد إدراك هذه القدرات أن يبدؤوا باتخاذ القرارات المناسبة حول أفضل الطرق لتعليم الطفل، كما ينبغي   البدء في تغيير العديد من المعتقدات التقليدية والتي استخدمت لفترات طويلة والبدء بموضوعية بتحسينها وتطويرها على ضوء المعلومات الواردة بهذا البحث، وكل ذلك يكون بهدف الارتقاء بمستوى تدريب الأطفال ضعاف السمع حسب قدرات كل منهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *