حبوب منع الحمل وسرطان عنق الرحم: ما تحتاجين إلى معرفته
عندما وجدت أماندا سكسون أن نتيجة الفحص لعنق الرحم التي قامت بها لم تكن طبيعية، أكد لها طبيبها أن الأمر طبيعي ولا يستدعي الكثير من القلق خاصة أن امرأة في عمرها لن تجد صعوبة في التخلص من الورم الحليمي البشري، ومن ثم عادت الطالبة الجامعية التي كانت أنذاك في عمر 21 إلى حياتها الطبيعية، وبعد بضع سنوات أظهر فحص عنق الرحم أن الوضع يزداد سوءا، حيث كشف عن نمو شاذ للخلايا مما يعني أن هناك تغيرات كبيرة في خلايا عنق الرحم وأنها معرضة بشكل كبير للإصابة بسرطان عنق الرحم.
ومرة أخرى أكد طبيبها أن كل شئ سيكون على ما يرام، ولكن الأمر يحتاج إلى نظرة فاحصة، وتبع ذلك سلسلة من الفحوصات والخزعات الغازية خلال العام ، ورغم أن النتائج لم تكن مخيفة إلا أن استمرار المشكلة، يعني أن أماندا ستحتاج لإجراء ما يسمى بالخزعة المخروطية بالسكين البارد وهو إجراء جراحي لإزالة آفات عنق الرحم.
ولأن أماندا كانت قلقة بشأن تأثير هذه المشكلة على خصوبتها فقد بدأت البحث عن تأثيرات هذه المشكلة فوجدت أن هناك إشارات إلى وجود علاقة بين حبوب منع الحمل و سرطان عنق الرحم، ورغم أن طبيبها أكد لها أن الأمر ليس مؤكدا إلا أنها قررت التوقف عن تناول حبوب منع الحمل لأنها حينها كانت تبحث فقط عن مخرج من هذه المشكلة.
هل يمكن لحبوب منع الحمل قمع الجهاز المناعي ؟
تتسائل النساء عن هذا الأمر إلا أنه لا توجد إجابة واحدة مؤكدة حول علاقة حبوب منع الحمل بمشاكل عنق الرحم أو قمع الجهاز المناعي وِفقالدكتور كاري Braaten، طبيب التوليد وأمراض النساء في مستشفى بريجهام ومستشفى النساء في بوسطن، ويقول الدكتور جين غونتر، وهو طبيب أمراض النساء، أن لا أحد يمكنه القول أن حبوب منع الحمل في حد ذاتها تجعل المرأة أكثر عرضة للإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، كما أنها لا تجعلك أكثر عرضة للعدوى الأخرى مثل البرد أو الانفلونزا “.
وعلى الرغم من أن هناك أدلة تربط بين وسائل منع الحمل عن طريق الفم و الزيادة الطفيفة في خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، فإن الخبراء يختلفون حول هذا الأمر ، وأضاف أن هذه المسألة مثيرة للجدل و قد تكون مرتبطة أكثر بمسألة السلوك الجنسي، فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت في 2012 أن النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل أقل احتمالا لاستخدام الواقي الذكري المعروف بالتقليل من التعرض لفيروس الورم الحليمي البشري.
وهناك على الأقل بعض الأدلة على أن الاستخدام طويل الأمد لحبوب منع الحمل يلعب دورا في استمرار الفيروسية أو التنشيط المتكرر للفيروس، وفقا للدكتور كزافييه Castellsagué، مدير المعهد الكتلاني لعلم الأورام، مركز معلومات عن فيروس الورم الحليمي البشري وسرطان عنق الرحم في برشلونة، اسبانيا.
ففي عام 2002، نشرت الوكالة الدولية لبحوث السرطان المراجعة التي وجدت وجود علاقة قوية بين سرطان عنق الرحم لدى النساء الحاملات لفيروس الورم الحليمي البشري اللواتي استخدمن حبوب منع الحمل باستمرار لمدة خمس سنوات أو أكثر، و يقول الدكتور كزافييه أن من الواضح أن حبوب منع الحمل تمثل عاملا مساعدا رغم عدم وجود يقين بشأن آلية حدوث هذا الأمر.
فيروس الورم الحليمي البشري
فيروس الورم الحليمي البشري هو العدوى المنقولةجنسيا الأكثر شيوعا في الولايات المتحدة، حيث أن أكثر من نصف السكان الناشطين جنسيا معرضون للفيروس في مرحلة من حياتهم، وفي أي وقت من الأوقات، ويصاب حوالي 43 في المئة من النساء بفيروس الورم الحليمي البشري، وفقا للمعهد الوطني للسرطان.
تقريبا جميع سرطانات عنق الرحم تبدأ على شكل فيروس الورم الحليمي، ولكن العلماء ما زالوا يدرسون لماذا بعض النساء المصابات بفيروس الورم الحليمي البشري يصبن بسرطان عنق الرحم في حين ليس له أي تأثير على معظمهن، وقال Castellsagué أن تسعين 90 في المئة من الإصابة بالفيروس تصبح واضحة في غضون عامين.
تطور سرطان عنق الرحم، كما هو الحال مع الأشكال الأخرى من السرطان، هي مسألة معقدة ترتبط بالوراثة والبيئة والعديد من العوامل الأخرى المساهمة، و تعتبر سلالات “أنكجنيك” للفيروس الأكثر عرضة لتؤدي إلى سرطان عنق الرحم، حيث أن اثنان منها و هما النوع 16 و 18، مسؤولان عن ما يقرب من جميع السرطانات المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري والتي يتوفر لقاح للوقاية منها ، ولكن هناك العديد من العوامل الأخرى المعروفة.
ويقول الدكتور كزافيي أن الجهاز المناعي هو المفتاح رغم أن الوراثة الفردية تلعب دورا في ما إذا كان يمكنك مسح الفيروسات، وهذا يدفع إلى الإعتقاد بأن قمع نظام المناعة هو ما يسمح للفيروس بالتحول و التسب في المتاعب، وهذا هو السبب الذي يجعل النساء المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية أو الواتي يتناولن الأدوية المثبطة للمناعة الخاصة بامراض المناعة الذاتية أكثر عرضة للتشوهات في عنق الرحم.
المشورة الطبية
تعتبرالمشورة الطبية وسيلة ضرورية لتقييم فوائد ومخاطر تكتيك معين على أساس ما هو الأكثر شيوعا أو الأكثر احتمالا أن يحدث، ويقول الدكتور Braaten ، أن اقتراح التوقف عن تناول موانع الحمل عن طريق الفم ليس واردا بالنظر إلى أن علاقتها بالورم الحليمي البشري غير مؤكدة ،خاصة أن حبوب منع الحمل تعتبر إلى اليوم من بين وسائل منع الحمل الأكثر أمانا ، و لكن المطلوب هو الحرص على إجراء مسح الرحم كل عام ، و التحدث مع الطبيب حوللقاح فيروس الورم الحليمي البشري.
أما أماندا فبعد توقفها عن تناول أقراص منع الحمل اضطرت للخضوع لعملية جراحية لإزالة جزء صغير من عنق الرحم، وبعد ذلك دأبت على إجراء مسح عنق الرحم ، و كانت النتائج جيدة .