الصدمة عند الأطفال: أسبابها وأنواعها وعلاجها

الصدمة هي السبب الرئيسي للمرض الشديد والوفاة عند الأطفال عالميّاً. حيث يموت أكثر من 10 مليون طفل كل عام بسببها. وتلاحظ أعلى معدلات الوفيات عند الأطفال تحت عمر الخامسة في البلدان النامية. تعرف الصدمة بأنها حالة قصور حاد في الطاقة بسبب الوارد غير الكافي من الغلوكوز والأوكسجين أو فشل الميتاكوندريا على المستوى الخلوي. تنتج الصدمة عن أسباب متعددة ومن أسبابها الرئيسية عند الأطفال: الالتهاب رئوي (19%) والإسهال (18%) والملاريا 6-570x427(8%) والالتهاب الرئوي الوليدي أو الإنتان (10%) والولادة المبكرة (10%) والاختناق أثناء الولادة (8%). نشخص الحالة السريرية للصدمة بالاعتماد على العلامات الحيوية والفحص الجسمي والبيانات المخبرية، على الرغم من صعوبة التعرف عليها عند الأطفال.

يؤدي التأخر في التعرف على حالة الصدمة ومعالجتها إلى حدوث الأيض اللاهوائي والحماض النسيجي وتفاقم ضرر الأعضاء والخلايا من الحالة القابلة للعكس المعاوضة إلى الحالة متعذرة العكس. قد تكون المراضة الناتجة عن حالة الصدمة واسعة الانتشار، ومن بينها: فشل الجهاز العصبي المركزي والفشل التنفسي (مثل، الفشل الناتج عن تعب العضلات أو متلازمة الضائقة التنفسية الحادة) والفشل الكلوي وسوء الوظيفة الكبدية والإقفار الهضمي والتخثر المنتثر داخل الأوعية والاختلال الأيضي وأخيراً الموت.

الفيزيولجيا المرضية

تنتج حالات الصدمة عن فشل الجهاز الدوراني في إيصال واردٍ كافٍ من الركائز المستخدمة في إنتاج الطاقة وإزالة السموم على المستوى النسيجي والخلوي. بالنسبة للحالة الفيزيولوجية أثناء الراحة، تصل كمية كافية من الأوكسجين والغلوكوز إلى الميتاكوندريا داخل الخلايا لتولد 36 جزيئة أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) من جزيئة غلوكوز واحدة عبر الأيض الهوائي وحلقة كريبس. وفي حالة الجهد عند الأطفال، تكون المقدرة المعاوضة عبر استحداث السكر وتحلل الغليكوجين محدودة بسبب حجم الكبد والعضلات الصغير. وبالتالي يصبح تحلل السكر وأيض الدهون المصدر الرئيسي لركائز الطاقة. ثم يصبح مردود الأيض الخلوي أقل بكثير بسبب تحول البيروفات إلى اللاكتات بدلاً من الأستيل- CoA. يولد هذا التغيير في سبل الأيض فقط جزيئتي أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) من جزيء غلوكوز واحد ويؤدي إلى تراكم حمض اللاكتيك. وأخيراً يحدث خلل في المضخات الأيونية في الغشاء الخلوي وينشأ الحماض وتظهر وذمة داخل خلوية وتتسرب المحتويات الخلوية إلى الحيز خارج الخلوي ثم يتلوها موت الخلية.

تتضمن الآليات الفيزيولوجية الرئيسية المؤثرة على الاستتباب الأيضي: الجريان الدموي النسيجي والتوازن بين الأوكسجين الوارد والمطلوب ومحتوى الدم من الأوكسجين. بالرُّغم من عدم القدرة على قياس كفاية أكسجة النسيج مباشرةً حيث تختلف تبعاً للوقت ونوع النسيج، تُعدّ العلاقة بين الوارد والاستهلاك الأوكسجيني مفتاحاً لفهم الفيزيولوجيا المرضية للصدمة. ويُعبّر عنها كما يلي:

VO2 = DO2 x O2 ER

حيث: VO2 تمثل استهلاك الأوكسجين – DO2 تمثل التدفق الشرياني الكلي من الأوكسجين (الوارد الأوكسجيني) – و O2 ER هو معدل قبط الأوكسجين (%).

في الحالة الطبيعية، يكون الأوكسجين المطلوب مستقلاً عن الأوكسجين الوارد، لأن DO2 أكبر من VO2. وعندما يزداد طلب الأوكسجين، تحدث المعاوضة الفيزيولوجية لتلبية الحاجة، مثل زيادة المعدل القلبي وحجم النّفضة. في حالة الصدمة، يزداد معدل قبط الأوكسجين (O2 ER) نتيجةً لانخفاض الوارد الأوكسجيني (DO2 ) للحفاظ على أكسجة نسيجية كافية. عند الوصول للنقطة الحرجة (الأوكسجين الوارد قليل جداً)، لن يستطيع معدل قبط الأوكسجين O2 ER المعاوضة بعد، ويصبح استهلاك الأوكسيجن VO2 معتمداً على الكمية الواردة DO2. وبعد هذه العتبة يبدأ دين الأوكسجين بالنمو وتزداد مستويات اللاكتات الدموية. وبالتالي، يعد الفهم الإضافي لعناصر الوارد الأوكسجيني DO2 أساسيّاً في الفيزيولوجيا المرضية للصدمة ومعالجتها.

يعتمد الوارد الأوكسجيني على كمية الدم التي يتم ضخها في الدقيقة أو النتاج القلبي (CO) ومحتوى هذا الدم الشرياني من الأوكسجين (CaO2)، وبالتالي يُعبّر عن الوارد الأوكسجيني بالمعادلة التالية:

DO2 = CaO2 x CO

يعتمد محتوى الدم الشرياني من الأوكسجين CaO2 على السعة الدموية لحمل الأوكسجين، وهي في المقام الأول وظيفة مستويات الهيموغلوبين (Hb) والإشباع الأوكسجيني الشرياني (SaO2). تنحل كمية صغيرة من الأوكسجين في الدم مباشرة مقارنة مع المرتبطة بالهيموغلوبين. وبالتالي يعبر عن CaO2 بالصيغة التالية:

CaO2 = (Hb x SaO2 x 1.32) + (0.003 x PaO2)

يعتمد النتاج القلبي على كمية الدم التي يتم ضخها في كل نبضة قلبية، والتي تعرف بحجم النفضة (SV) وعلى معدل نبضات القلب (HR). يعتمد حجم النفضة على حجم الامتلاء البطيني بنهاية الانبساط (يشار إليه بشكل شائع بالحمل القبلي البطيني) وحالة قلوصية العضلة القلبية والحمل البعدي على القلب (المقاومة الوعائية الجهازية). تؤثر كل من هذه المتغيرات على النتاج القلبي وقد تضعف أثناء الصدمة. ويعبر عما سبق بالعلاقات التالية:

CO = HR x SV

يتناسب حجم النفضة القلبية SV مع الحمل القبلي والقلوصية والحمل البعدي.

المسببات

صنفت الصدمة وفقاً لمسبباتها إلى عدة أنواع، ومن أنواعها الرئيسية:

– الصدمة بنقص حجم الدم

– الصدمة قلبية المنشأ

– الصدمة المنتشرة

– الصدمة الانسدادية

– الصدمة الإنتانية

في كل التصنيفات هذه، يضطرب واحد أو أكثر من العناصر الفيزيولوجية التي تتحكم بالأوكسجين الوارد والمستهلك.

وفقاً لمسح فرانك ستارلينغ ، تؤدي الصدمة بنقص حجم الدم إلى تقليل الامتلاء القلبي وإنقاص حجم نهاية الانبساط وحجم النفضة القلبية، وبالتالي تسبب انخفاضاً في النتاج القلبي. تنقص الصدمة الناتجة عن نقص حجم الدم بسبب النزف من السعة الحاملة للأوكسجين بسبب الانخفاض المباشر بمقدار الهيموغلوبين المتوافر.

تنتج الصدمة قلبية المنشأ من مرض قلبي خلقي أو اعتلالات العضلة القلبية الحادثة نتيجة فشل المضخة الأولي وعدم كفاية نتاج القلب.

تؤدي الصدمة المنتشرة الناتجة عن الإنتان أو التأق أو أذية عالية المستوى في العمود الفقري إلى توسع وعائي محيطي وانخفاض في المقاومة الوعائية الجهازية، مع حدوث التجمُّع الدموي الوريدي وعدم كفاية الإرواء الشرياني للأنسجة لتلبية الاحتياجات الأيضية.

ومن الأسباب الإنسدادية للصدمة الانصمام الرئوي والاسترواح الصدري والاندحاس القلبي. تعترض هذه الأسباب التدفق الدموي الرئوي أو الجهازي أو كليهما، وبالتالي تنقض نتاج القلب مباشرة.

الصدمة بنقص حجم الدم

تنتج عن عوز تام في الحجم الدموي داخل الأوعية. تعد السبب الرئيسي للوفاة عن الأطفال في الولايات المتحدة وعالميّاً, على الرغم من اختلاف العوامل المسببة.

ومن أسباب الصدمة بنقص حجم الدم:طبيب ع أطفال صدمة

– خسارة الحجم داخل الأوعية (مثل التهاب المعدة والأمعاء أو الحروق أو البوالة التفهة أو السكتة القلبية)

– النزف (مثل الناتج عن الرض أو الجراحة أو النزف المعدي المعوي)

– خسارة السائل الخلالي (مثل الناتجة عن الحروق أو الإنتان أو المتلازمة النفرونية أو الإندساد المعوي أو الحبن)

التهاب المعدة والأمعاء

ربما يفقد الأطفال المصابون بالتهاب المعدة والأمعاء 10 – 20% من حجم الدم الدوراني خلال 1-2 ساعة. يعوق التقيؤ عادةً تعويض السوائل، وربما يكون التدهور السريري سريعاً. ومن مسببات الإنتانية لالتهاب المعدة والأمعاء: الجراثيم مثل السالمونيلا والشيغلا والجراثيم العطيفة وإيشرشيا كولي، بالإضافة للفيروسات مثل الفيروسات العجيلة والفيروسات الغدانية والفيروسات المعوية. ومن الأسباب المهمة عالمياً الداء الأميبي والكوليرا.

الرض

يعد الرض غير المتعمد السبب الرئيسي لوفاة الأطفال (فوق السنة) في الولايات المتحدة. وسبب الوفاة الناتجة عن الرض هو النزف. تشتمل المواضع الرئيسية للنزف عند الطفل على داخل القحف وداخل الصدر وداخل البطن والحوض والمواضع الخارجية. عندما تحدث الصدمة عند الأطفال بدون سبب واضح، يجب أخذ النزف الخفي التالي لرض غير عرضي بعين الإعتبار.

الحيز الثالث

من أسباب الصدمة بنقص حجم الدم التسرب الشعيري والحيز النسيجي الثالث، حيث يتسرب السائل من الحيز داخل الوعائي إلى الأنسجة الخلالية. تتضمن مسببات الحيز الثالث: الحروق والإنتان والأمراض الإلتهابية الجهازية الأخرى. تظهر على المريض علامات وذمية وتحميل مفرط لسوائل الجسم الكلية، على الرغم من انخفاض السوائل داخل الأوعية بشكل واضح وحمل قبلي غير كافي، وبالتالي حدوث صدمة واضحة. وبالرغم من زيادة حجم السوائل الكلي والوذمة، يحتاج المرضى إلى إعطاء سوائل إضافية لتحسين تدفق الأوكسجين الشرياني الكلي ولمنع أو علاج الصدمة.

اقرأ أيضا:  متلازمة ليش نيهان Lesch–Nyhan Syndrome

الصدمة المنتشرة

تحدث بسبب التوسع الوعائي المحيطي، الذي يؤدي إلى زيادة السعة الوريدية، وبالتالي نقص في حجم الدم بالرغم من عدم فقدان السوائل. إن التوزع الفيزيولوجي الشائع الذي يصيب الوارد الأكسجيني في الصدمة المنتشرة هو انخفاض في الحمل القبلي الناتج عن التوسع الوعائي الكبير وعدم كفاية الحجم الفعال داخل الأوعية.

تتضمن الأسباب الشائعة للصدمة المنتشرة: التأق والأذية العصبية (أذية الرأس أو العمود الفقري) والإنتان والأسباب المتعلقة بالدواء، ومن أساب التأق:

– الأدوية (الصادات واللقاحات والأدوية الأخرى)

– المنتجات الدموية

– زعاف الحشرات

– الأطعمة

– لاتيكس

ينتج التأق عن زوال حبيبات الخلايا البدينة الناتج عن تحرر الهيستامين والتوسع الوعائي. قد تقطع الأذية العصبية الوارد الودي إلى العصبونات المحركة الوعائية، وبالتالي يحدث التوسع الوعائي. وتنتج الصدمة الشوكية عن الأذية في الحبل الشوكي العنقي فوق الفقرة T1، فيحدث انقطاع في السلسلة الودية، والذي يسمح بتنبيه نظير ودي غير مقاوم. يأتي المرضى المصابين بهذه الأذية إلى المستشفى بحالة سريرية تبين عدم الاستقرار الدينامكي الدموي وانخفاض ضغط مترافق مع بطئ قلبي، لأنهم فقدوا التقلص الوعائي الودي (مسبباً توسع وعائي)، وبالتالي عدم إرساء استجابة مسرعة للقلب مناسبة متواسطة بالجهاز الودي. وقد تسبب الأدوية أيضاً توسع وعائي.

أخيراً، يسبب الإنتان تحرر العديد من الوسائط الفعالة في الأوعية والتي قد تؤدي إلى توسع وعائي عويص، مسبباً الصدمة المنتشرة.

الصدمة الإنتانية

يعرف الإنتان بأنه حالة التهابية جهازية غير مضبوطة أثارتها عدوى موثقة أو محتملة. ربما تنتج اضطرابات كل متغير في معادلة الوارد الأكسجيني DO2 عن وجود عوامل العدوى مثل الذيفان الداخلي أو مكونات الجدار الخلوي للجراثيم content_clip_image112إيجابية الغرام. يؤدي تفعيل الشلال الجزيئي الجهازي إلى تحرر الوسائط الالتهابية والسيتوكينات (مثل، عامل التنخر الورمي-ألفا) والإنترلوكينات (مثل الإنترلوكين 1 و2 و6) ومنتجات شلال التخثر والبراديكينين وتفعيل المتممة.

يؤدي تحريض أنزيم سينثاز أوكسيد النتريك إلى إنتاج أوكسيد النتريك وهو موسع وعائي فعال مباشر، يسبب توسعاً وعائياً كبيراً جهازياً وموضعياً. ينقص هذا التأثير المنتشر فعالية الحمل القبلي ويضعف النتاج القلبي والوارد الأوكسجيني. قد تضعف السموم الدورانية والوسائط الالتهابية أيضاً وظيفة العضلة القلبية وتنقص القلوصية القلبية، مضيفةً عنصراً ذي منشأ قلبي إلى لنتاج القلبي الضعيف. قد يمزق الإنتان أيضاً الاوعية الشعرية مؤدياً إلى تسرب السائل داخل الأوعية إلى الحيز النسيجي الثالث، وبالتالي حدوث نقص في حجم الدم. وقد يؤدي التفعيل المفرط لشلال التجلط إلى تخثر منتثر داخل الأوعية، والذي قد يسد مباشرةً الأسرة الدموية الشعرية في نسيج حرج، وبالتالي حدوث صدمة انسدادية بالإضافة للنزف.

الصدمة قلبية المنشأ

تنتج عن اعتلال في القلوصية القلبية. حيث يؤدي ضعف الحالة القلوصية إلى انخفاض حجم النفضة القلبية والنتاج القلبي وبالتالي انخفاض الوارد الأوكسجيني للأنسجة. تتضمن أسباب الصدمة قلبية المنشأ:

– لانظميات قلبية

– اعتلال العضلة القلبية أو التهاب القلب: الإقفار أو نقص التأكسج، العدوى، أمراض النسج الضامة، الاضطرابات الأيضية، المرض العضلي العصبي، التفاعل السمي، مجهول السبب.

– الأمراض القلبية الخلقية

– الرض

– علاجي المنشأ (مثل متلازمة ضعف النتاج القلبي التالي للجراحة)

الصدمة الانسدادية

تحدث الصدمة الانسدادية عندما يسوء التدفق الدموي الرئوي أو الجهازي كنتجية لانسداد خلقي أو مكتسب، وبالتالي اعتلال النتاج القلبي والصدمة. تتضمن أسبابها اندحاس قلبي حاد، استرواح صدري توتري، انصمام رئوي ضخم وأشكال أخرى من انسداد الدوران الجهازي أو الرئوي مثل ارتفاع الضغط الرئوي المكتسب أو الحاد أو اعتلال العضلة القلبية التضخمي. وتتضمن الأسباب الإضافية عند الولدان الجدد: تضيق الأبهر والقوس الأبهري المنقطع وتضيق الدسام الأبهري الحاد.

العلامات والأعراض

أجريت دراسة في قسم طوارئ الاطفال في نيفادا لتوضيح الطيف السريري للصدمة عند الأطفال. حيث درس الباحثون مرضى الصدمة بعمر أصغر من 18 عام من 1998 إلى 2006، وراجع ثلاثة أطباء طوارئ المخططات الموجودة في الدليل الإرشادي لدعم الحياة المتقدم عند الأطفال لاستخلاص بيانات العلامات السريرية للصدمة. وتم استثناء المرضى الذين أصيبوا بتوقف القلب أو برض كبير.recognize-anaphylactic-shock-symptoms-800x800

وافق 147 مريضاً المعايير الموجودة، وهذا يعني مريضاً من كل 1600 مريض حضروا إلى قسم الطوارئ خلال مدة الدراسة. فوجد الباحثون أن النوع الأكثر شيوعاً كان الصدمة الإنتانية (57%)، ثم الصدمة بنقص دم الدم (24%)، ثم الصدمة المنتشرة (14%) والصدمة قلبية المنشأ (5%). حضر 21 مريضاً (أي ما يعادل 14% من المرضى) بدون أي علامات سريرية للصدمة ولكن تفاقمت حالتهم أثناء إقامتهم في قسم الطوارئ. وكان معظم مرضى الصدمة المتأخرة (71%) بعمر أصغر من سنتين. واختلفت علامات الوهط الدوراني تبعاً للعمر، حيث كان صغار السن (أقل من 36 شهر) أكثر عرضةً لنقص التأكسج أو ضعف النبض في حين كان الأكبر عمراً أكثر عرضةً لانخفاض ضغط الدم.

وفيما يلي مجموعة من العلامات السريرية لمختلف أنواع الصدمة عند الأطفال:

– الصدمة بنقص حجم الدم: وهي النوع الأشيع من الصدمة عند الأطفال ومن أعراضها: تسرع في القلب، ضعف النبض، عيون غائرة ويافوخ، قلة البول، جفاف في الأغشية المخاطية، قلة تورم الجلد.

– الصدمة قلبية المنشأ: تسرع القلب، ضعف في النبض، ضخامة الكبد.

– الصدمة المنتشرة: قد تنتج عن التأق أو من منشأ عصبي، من أعراض الصدمة الناتجة عن التاق: وذمة وعائية، ضائقة تنفسية، صرير، وأزيز تنفسي، وانخفاض ضغط مبكر. أما في حالة الصدمة عصبية المنشأ فيحدث انخفاض في الضغط دون حدوث تسرع قلبي.

– الصدمة الإنتانية: قد تكون صدمة دافئة (يزداد فيها النتاج القلبي وتنقص المقاومة الوعائية الجهازية) وتقدر ب 20% من حالات الصدمة الإنتانية عند الأطفال ، من أعراضها: تسرع قلبي، نبض مقيد، دفء في الأطراف مع انخفاض ضغط الدم، لهاث، تبدل النشاط العقلي. أو صدمة باردة (ينقص نتاج القلب وتزداد المقاومة الوعائية الجهازية) تقدر نسبتها ب 60% من الحالات ، ومن أعراضها: تسرع قلبي، إرواء محيطي فقير، ضعف النبض، لهاث، تبدل النشاط العقلي. أو صدمة إنتانية ينقص فيها النتاج القلبي والمقاومة الوعائية الجهازية، من أعراضها: تسرع قلبي، ضعف النبض، مع انخفاض ضغط الدم، ولهاث وتبدل النشاط العقلي.

– الصدمة الإنسدادية: تسرع قلبي، انخفاض ضغط الدم، توسع في أوردة الرقبة، انحراف رغامي في حالة الاسترواح الصدري، استواء الضغوط مع ارتفاع الضغط الوريدي المركزي عند إجراء مراقبة باضعة في المنطقة.

التشخيص

من المهم التأكيد على صعوبة التعرف على الصدمة في مراحلها المبكرة عند الأطفال، حيث يتطلب المحافظة على درجة اشتباه عالية من الطبيب السريري وفحص سريري مركز. يجب أن يوجه الفحص الجسدي إلى تحري علامات نقص التأكسج النسيجي، مثل النشاط العقلي المتبدل والهيوجية وتسرع النفس وتسرع القلب والأطراف المبقعة الباردة وتعبئة دموية شعيرية مطولة. لا يجب استخدام ضغط الدم الطبيعي لوحده عند المرضى الأطفال كمشعر على كفاية الحركية الدموية، لأن انخفاض ضغط الدم يعد علامة غير معاوضة على الصدمة تحدث لاحقاً في الشلال.

بالرغم من ضرورة الفحص السريري المركز، يوجد العديد من السوابق المرضية التي تتطلب انتباه خاص. يجب أن توجه الأسئلة إلى الأمراض المزمنة الموجودة مسبقاً والأدوية المستخدمة حالياً أو الحديثة (وخاصةً الأدوية الكابحة للمناعة مثل الستيروئيدات) واستخدام المواد المحظورة والعمليات الجراحية السابقة. إن حالة المضيف مهمة في حالات معينة مثل العوز المناعي المكتسب أو الخلقي والقثطار المستقر وأمراض القلب الخلقية التي تتطلب علاجاً وتقييماً خاصّاً بالحالة.

اقرأ أيضا:  تغذية ورعاية الأطفال المصابين بالشروخ الشرجية

قد تساعد قياسات معينة في ترسيخ تعيين أفضل للتشخيص. ربما تتضمن هذه القياسات مبدئياً إجراء الفحوص المخبرية التالية:

– مستويات الغلوكوز الدموي: من الشائع حدوث انخفاض في غلوكوز الدم في الصدمة.

– الصورة الأيضية الشاملة: تعطينا معلومات ثمينة. فقد يشير انخفاض ثنائي أوكسيد الكربون الدموي إلى حدوث حماض استقلابي. وقد يؤدي الإسهال إلى فقدان البيكربونات مباشرة وبالتالي تفاقم الحماض الاستقلابي. ويشير فرط صوديوم الدم إلى تقلص الحجم داخل الوعائي الذي يحدث أثناء الصدمة بنقص حجم الدم.

– قياس الغازات الدموية الوريدية أو الشريانية: تفيد دراسة الغازات الدموية في تحديد التوتر الأوكسجيني الشرياني والذي يساعد قياسه في معايرة الأوكسجين المتمم المعطى للمريض.

– مستويات اللاكتات المصلية.

– تعداد كامل لعناصر الدم CBC: يعد مستوى الهيموغلوبين الأهم لأنه يحدد سعة الدم الحاملة للأوكسجين. ولتشخيص وجود فقر دم. كما يشير تعداد الكريات البيضاء إلى وجود إنتان أو لا.

– زمن البروثومبين (PT) وزمن الثرومبوبلاستين الجزئي (PTT).

– مستويات الفيبرينوجين والديمر-D.

– زرع لمختلف السوائل (الدم، البول، السائل الدماغي الشوكي): يجب إبطال السبب الإنتاني للصدمة، وبخاصة عند الأطفال بعمر اقل من 3 أشهر وأصحاب المناعة المضعفة وغير الملقحين، وذلك عبر إجراء زرع للدم.

قد تساعد فحوص إضافية في تحديد سبب الصدمة عند المريض والعلاج المناسب. وقد يتضمن التقييم المعاون اللاحق ما يلي:

– التصوير الشعاعي للصدر.

– الإشباع الأوكسجيني الوريدي المختلط.

– قياس الضغط الوريدي المركزي.

– مراقبة النتاج القلبي.

– تنظير الطيف تحت الأحمر القريب.

– مستويات النمط-2 من الببتيد المدر للصوديوم.

– صورة المشعرات الحيوية المصلية.

العلاج

يمكن تقسيم تدبير حالة الصدمة عند الأطفال إلى طورين رئيسيين:

1. السبيل الهوائي والتنفس والدوران (ABCs): يجب إعطاء السوائل والأدوية المقلصة للعضلات خلال الساعة الأولى من الإنعاش وضبطها للمحافظة على أهداف المعدل القلبي والضغط الدموي وفقاً للعمر وامتلاء شعري دموي طبيعي أقل أو يساوي 2 ثانية. ويجب دعم الأكسجة والتهوية بشكل مناسب.

2. الثبات: بعد الساعة الأولى، يجب أن يتحول التدبير إلى غرفة العناية المشددة لتقديم دعم ديناميكي دموي والحفاظ على الأهداف العلاجية. تتضمن أهداف المعالجة ضغط إراوئي طبيعي تبعاً للعمر، الإشباع الاوكسجيني الوريدي المركزي > 70%، المنسب القلبي (نسبة نتاج البطين الأيسر في دقيقة إلى مساحة سطح الجسم) من 3.3 إلى 6 ليتر/دقيقة.

التخدير والتهوية

يمتلك الولدان والرضع قدرة وظيفية متبقية منخفضة ونشاط تنفسي عالي. يجب مراعاة التنبيب المبكر والتهوية ، خصوصاً عند المرضى الذين يظهرون استجابة منخفضة لتعويض السوائل الهجومي والأدوية المؤثرة على تقلص العضلات المحيطية.

يجب اختيار الأدوية المحرضة بحذر وإعطاءها للوقاية من الهبوط القلبي الوعائي المفرط. كما يجب تجنب الجرعات الكبيرة من thiopentone وpropofol وmidazolam والتراكيز العالية من العوامل المخدرة الطيارة. يرتبط إعطاء Etomidate بزيادة حدة الصدمة الإنتانية وعموماً لا ينصح باستخدامه. يعد Ketamine (1-2 مغ/كغ) خياراً بديلاً جيداً. ويجب مراعاة الحاجة لتحريض متوال سريع باستخدام الضغط الحلقي والأنبوب الأنفي المعدي. وتفضل الأكسجة المسبقة باستخدام أوكسجين 100% ولكنها صعبة عملياً. يحتمل أن تتدهور المتثابتات القلبية الوعائية في هذا الوقت ويجب أن تحضر بلعات وريدية من سوائل مناسبة وأدوية مؤثرة في التقلص العضلي مقدماً.

يمكن الحفاظ على حالة التخدير بعد التنبيب واتخاذ استراتيجية تهوية رئوية واقية، للحفاظ على حجم رئوي منخفض (6-7 مل/كغ حجم مدي) مع ضغط نهاية زفير إيجابي PEEP كافي وضغط سبيل هوائي مركزي منخفض. يشتق الدليل على هذا من الممارسة عند البالغين.

قد يتطلب الأمر إجراء تهوية تذبذبية عالية التوتر إذا ثبت عدم كفاية التهوية التقليدية.

الإنعاش بتعويض السوائل

يجب بدء الإنعاش ببلعات وريدية من السائل البلوراني بتركيز 10-20 مل/كغ أو 5% ألبومين كل 5-10 دقيقة مع فواصل لمعايرة الحالة السريرية (معدل نبضات القلب، نتاج البول، مستوى الوعي). يعد الإنعاش الهجومي بالسوائل مرحلة رئيسية لتحسين البقاء على قيد الحياة، شريطة إيتاء معالجة مؤثرة في التقلص العضلي والتهوية الميكانيكية. من الشائع حدوث نقص كبير في السوائل وقد يتطلب الأمر إعطاء حجوم أكبر من 40-60 مل/كغ.

لا يوجد خيار مثالي لنوع سوائل الإنعاش، فلم تستطع الدراسة المنهجية السابقة على الإنعاش بالسوائل عند الأطفال إيجاد دليل يدعم استخدام السوائل الغروانية على السوائل البلورانية. ووجدت دراسة معشاة كبيرة على البالغين، قارنت بين الإنعاش بالسوائل البلورانية وسوائل الألبومين، أن سوائل الألبومين أعطت نتائج أفضل في حالة الصدمة الإنتانية. وأشارت الدلائل الإرشادية المحدثة في 2007 إلى تفضيل استعمال الإنعاش بالسوائل الغروانية عند الأطفال.

يجب الحذر عند الأطفال المصابين بسوء تغذية لأنهم معرضين لخطر فشل القلب الإحتقاني الناتج عن الإنعاش الهجومي بالسوائل، ويلزم تعويض السوائل لديهم وريدياً ببطئ مع مراقبة منتظمة وحذرة كل 5-10 دقائق. يجب إعطاء محلول رينجر لاكتات 5% ديكستروز بالتسريب الوريدي 15 مل/كغ خلال ساعة واحدة، وإذا ظهرت علامات تحسن نعيد التسريب الوريدي ببطئ ثم نحول المريض إلى إمهاء فموي. وإذا لم يحدث تحسن بعد ساعة من التسريب الوريدي، يجب التفكير بنقل الدم للمريض. ويجب إيقاف العلاج إذا تدهورت حالة الطفل خلال الإمهاء الوريدي (زاد معدل تنفسه وضربات قلبه).

المعالجة بالأدوية الفعالة وعائياً والمؤثرة بتقلص العضلات

تعالج الصدمة غير المستجيبة لتعويض السوائل (هبوط ضغط مستديم) بإعطاء أدوية مؤثرة في تقلص العضلات أو رافعة للتوتر الوعائي أو مشاركة بينها. ويجب تقييم حالة الطفل بانتظام وإجراء التعديلات المناسبة على الخيار العلاجي ومعدل إعطاء الدواء القلبي الوعائي.

يعد الدوبامين الخيار الدوائي الأول.

يعتمد استخدام الأدوية المؤثرة في تقلص العضلات على الأعراض السريرية للطفل، فإما نتاج قلب منخفض ومقاومة وعائية جهازية عالية (صدمة باردة) وإما نتاج قلب مرتفع ومقاومة وعائية جهازية منخفضة (صدمة ساخنة) وإما نتاج قلب منخفض ومقاومة وعائية منخفضة. قد يتطلب إضافة الأدرينالين إلى الدوبامين في حالة الصدمة الباردة العنيدة وإضافة النورأدرينالين في حالة الصدمة الساخنة العنيدة.

تتضمن الأدوية الأخرى المستخدمة: الموسعات الوعائية مثل نتروبروسيد الصوديوم أو ثلاثي نترات الغليسيريد أو مثبطات الفوسفو دي استراز مثل milrinone، التي تستخدم أثناء تسريب الأدرينالين إذا كان النتاج القلبي منخفض والمقاومة الوعائية الجهازية مرتفعة.

ويستخدم هرمون الفازوبرسين عند البالغين لعلاج المقاومة الوعائية الجهازية المنخفضة جداً على الرغم من جرعات النورأدرينالين، ولكن لا يوجد دليل متوافر على استخدامه عند الأطفال.

استخدام الستيروئيدات

لا تتوافر أدلة كافية على استخدام الستيروئيدات في حالة الصدمة الإنتانية عند الأطفال. حيث تلزم تجربة مضبوطة معشاة وحتى ذلك الوقت لا يجب استخدام الستيروئيدات بشكل روتيني.

تدخر المعالجة بالهيدروكورتيزون من أجل الأطفال المصابين بمقاومة الكاتيكولأمين ويتوقع حدوث قصور كظري لديهم.

العلاج الصادات

يجب إعطاء الصادات خلال ساعة من تعيين الإصابة بصدمة إنتانية حادة. من المهم جداً إعطاء المعالجة بالصادات مبكراً وتحديد مصدر الإنتان المحتمل. ويجب اختيار الصادات واسعة الطيف أولاً المناسبة لمصدر الإنتان الأكثر احتمالاً ولعمر الطفل ولمعرفة انتشار الأمراض المحلية ومقاومة الجراثيم للأدوية. ومن ثم ترشد تغطية الصادات بالاعتماد على الصورة السريرية ونتائج الزرع ونصائح الفريق الطبي الاختصاصي.

يجب إتمام المعالجة بالصادات والتحويل من الإعطاء الوريدي إلى الفموي في الوقت المناسب.

من الجراثيم الشائعة التي تسبب الإنتان عند الأطفال: المكورات العقدية والمكورات العنقودية والجراثيم الزائفة والمكورات السحائية.

 

المصادر

http://emedicine.medscape.com/article/1833578-overview

http://www.aagbi.org/sites/default/files/278-Management-of-Paediatric-Sepsis.pdf

hrcak.srce.hr/file/35440

Clinical signs of shock in children vary with age

http://www.jwatch.org/em201010080000002/2010/10/08/presentation-pediatric-shock

http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3357612/

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *