الاعاقة السمعية : خصائص المعاقين سمعيا
زيادة إعداد المعاقين سمعيا:
تقدر أخر إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية عدد ذوى الإعاقة السمعية في جميع أنحاء العالم بخوالي (150) مليون شخص أي بنسبة (2.5%) من ذوى الإعاقة السمعية
بل أن الواقع أكثر من ذلك لان هذا الرقم يمثل المسجلين فقط وفى مصر أكثر من 3 ملايين من ذوى الإعاقة السمعية (50%) منهم على الأقل في سن الشباب ويضاف إليهم آلاف من العاملين في الصناعة سنويا.
وقد بلغ عدد التلاميذ ذوي الإعاقة السمعية ( الصم وضعاف السمع ) في مراحل الدراسة بمدارس التربية الخاصة " الأمل للصم وضعاف السمع " بمصر في العام الدراسي 2002/ 2003 م بالمراحل الثلاث ( الابتدائية – الإعدادية – الثانوية ) (14098) تلميذا وتلميذه من ذوي الإعاقة السمعية، ونجد أن عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية منهم ((8787 تلميذ وتلميذه، وعدد التلاميذ ذوي الإعاقة السمعية في المرحلة الإعدادية (2418)تلميذا وتلميذه،بينما بلغ عدد هم في المرحلة الثانوية(2173) تلميذا وتلميذه ، فى حين بلغ أعداد التلاميذ ذوى الإعاقة السمعية بمدرسة الأمل للصم وضعاف السمع بالزقازيق بمحافظة الشرقية (564) تلميذ وتلميذة ، وذلك للعام الدراسي 2002-2003.
الإعاقة السمعية وعلاقتها ببعض مظاهر النمو للطفل الأصم:
إن العلاقة بين الإعاقة السمعية وجوانب النمو المختلفة لدي الطفل من الموضوعات، ذات المجال الخاص نظراً لاختلاف مشكلات الصم وتباين سماتهم وبيئاتهم وثقافاتهم….. وفيما يلي استعراضا لأهم آثار الإعاقة السمعية علي جوانب النمو المختلفة فيما يلي:
علاقة الإعاقة السمعية بالنمو الجسمي للطفل الأصم:
إن المبدأ الأساسي في تربية الطفل ونموه يتمثل في المحافظة علي صحته علي أعلي مستوي من الكفاءة، فصحة الطفل تكمن فى سمعه، ولذا فحينما يصرخ الطفل الأصم فإنه يشعر بحركاته العضلية ولكنه لا يستطيع أن يسمع الصوت الذي يحدثه، لذلك فإنه يفتقد نوعاً مهماً من المثيرات والشعور بالأمان، إذ إنه لا يوجد اختلاف واضح للحاجات الجسمية بين الطفل الأصم وعادي السمع، خاصة وأن الساعات المنتظمة من النوم والهواء الطلق والطعام الجيد، كل ذلك يقدم لكلا النوعين فرصاً أفضل للنمو الجسمي.
ولقد أثبتت الدراسات الحديثة أنه لا يوجد فرق بين الفرد الأصم والعادي في خصائص النمو الجسمي من حيث معدل النمو أي سرعة النمو والتغيرات الجسمية في الطول والوزن في جميع مراحل النمو التي يمر بها الطفل الأصم فهو كنظيرة العادي تماماً، ولهذا لا توجد فروق ظاهرة بالنسبة للمتطلبات الجسمية للأصم والعادي.
بينما نجد رأيا آخر ينحاز إلي مبدأ وجود تأثير واضح للإعاقة السمعية علي الطفل الأصم، الذي يوصف بأنه شخص غير عادي بكل تأكيد، إذ إن انحرافاته عن المعتاد يمكن ملاحظتها في النواحي الجسمية.
ولذلك يتسم الصم فى النواحي الجسمية بالتالي :
– الإتيان بأوضاع جسمية خاطئة.
– تأخر النمو الحركى لديهم مقارنة بالعاديين.
– يحتاجون لتعلم طرق بديلة للتواصل حتى يتطور النمو الحركى لديهم.
– قلة اللياقة البدنية لديهم.
كما يمكن التغلب علي الآثار السلبية للإعاقة السمعية علي النمو الجسمي منذ البداية بالتدريب الحركي الموجه والمتواصل لدي الطفل، وبخاصة للأعضاء المتعلقة بجهاز الكلام والسمع، كالصدر والحلق والرئتين والأحبال الصوتية والفم وذلك حتي لا تصاب تلك الأعضاء بنوع من الركود، يؤدي إلي اختلاف النمو الجسمي والحركي لها.
ويتضح : أن عمليه التعوق والتعطيل في الجهاز السمعي وعدم دخول وخروج الصوت في هذا الجهاز السمعي قد يؤدي بدوره لمشكلات بالجهاز التنفسي ، نتيجة عدم تلقائية حركة الهواء في الجهاز السمعي وتعطل جهاز النطق لديه ، ومن ثم عدم وجود انتباه للأفعال والمؤثرات الصوتية وبالتالي فإنه قد يفتقد الاستجابة التلقائية الطبيعية والمباشرة للمثير الصوتي، وبالتالي يتسم بقدرة أقل من تلك التي لدي عادي السمع .
علاقة الإعاقة السمعية بالنمو اللغوي للطفل الأصم:
إن النمو اللغوي لدى الأصم يعتمد على طبيعة العلاقة بين اللغة والكلام ويتضح ذلك فيما يلى:
* اللغة والكلام لدى الصم
إن القصور الحادث فى اللغة لدى الصم يجعل هناك صعوبة فى ترجمة الأفكار والمشاعر إلى عبارات وكلمات مفهومة ومدركة، فالأصم يفكر أولا فيما يريد التعبير عنه ثم تبدأ الأصابع فى التعبير عن ذلك من خلال الإشارات اى أن:
-الأفكار تترجم لدى العاديين إلى ألفاظ مسموعة ولدى الصم إلى إشارات مرئية
-إن العاديين يحصلون على المعلومات بواسطة الأذن أما الأصم فيحصل عليها بالعين
-إن لغة الإشارة لا يمكن أن تترجم كل ماهو منطوق كما أنها لا تفهم بسرعة مثل الكلام والايدى لا يمكن أن تترجم الإشارات بالسرعة التى يقوم بها اللسان والعين لا يمكن أن تفهم الإشارات بسرعة الأذن عند سماع الصوت كما أن إخفاق الطفل الأصم في الكلام في السن العادي، وعدم قدرته علي تفهم كلام الآخرين، وانعدام تجاوبه وتمييزه للأصوات، يجعل هذا الطفل يدخل المدرسة دون رصيد لغوي ويعتمد ذلك بصفه أساسية علي تنبيه حواسه، وتدريب أعضاء النطق لديه، ولذا فإن فقدان السمع يؤثر ليس فقط علي القدرة اللفظية لأصوات الكلام بل يغير أيضاً من القدرة علي تعلم إيقاع Rhythm الكلام وهو التعبير الشفوي عن اللغة ويتوقف نمو كل عناصر اللغة علي تغيرات النمو للجهاز العصبي المركزي،وإن من الطبيعي إذا لم يسمع شخص ما اللغة المنطوقة العادية فإنه لا يستطيع أن يتكلم بفهم وإدراك، ويشوب كلامه ضجيج بدائي تميزه نغمات مشحونة بالانفعالات، ومن ثم فإن طبيعة اللغة لدي الأطفال الصم تعتمد علي تحليل نوع الأخطاء التي يرتكبها هؤلاء الأطفال، وعددها أثناء كتابتهم للغة المحصلة وحيث أن اللغة وسيلة لتفاعل الإنسان مع بيئته التي يعبر من خلالها عن أفكاره ورغباته وميوله، فإن السمع هو حاله وسيطة للكلمة، والتي تعبر عن معني هو نتاج العقل وليس الخيال، ومعاناة الصم من صعوبات تتعلق بالمعاني الكلية للكلمات بسبب أن حاسة السمع هي النافذة الأولي لاستقبال المعاني والتصورات الكلية من هؤلاء الأطفال من حدثت إعاقته في سن مبكرة، ومنهم من حدث صممه في سن متأخرة بعد أن تعلم الكلام، وهذا النوع من الصمم يقتصر أثره علي عدم القدرة علي فهم الكلام المسموع وصعوبة في التعبير عن أفكاره بصورة مناسبة بالإضافة إلي الحرمان من تعلم مفردات وكلمات جديدة.
اللغة المكتوبة
وبصفة عامة يؤثر الصمم على اللغة المكتوبة لدى الأصم بمايلى:
– الجمل لدى الأصم اقصر من تلك التى لدى العادي.
– الأصم يقوم بتكوين وبناء جمل بسيطة وغير مركبة.
– لا يستخدم الأصم جملا كثيرة فى الكتابة.
– التركيبات اللغوية للأصم غير مترابطة ومفككة.
– الأصم يقع فى الكثير من الأخطاء اللغوية عند الكتابة.
ويتضح : أن الطفل الأصم قد يتسم بضعف لغة الحديث لديه، ومرجع ذلك لوجود خلل واضطراب في إيقاع الكلمة وقوتها وطبقتها إلا إن تدريب الطفل علي بعض العلامات الإيقاعية للكلام باستخدام حاسة البصر مع المبالغة في حركة الشفاه، تعد طريقاً لتمرين الطفل علي اللغة بمدركاتها ، فالطفل الأصم يتذكر الكلمات التي لها مقابل في لغة الإشارة كما أن لديه القدرة علي تذكر الأشكال أكثر من تذكره الأرقام ، وهو يشعر بذبذبات الصوت عن طريق الجلد والعظام من خلال مرورها في الجهاز العصبي ، إلا أن هناك فئات يستطيعون من خلال التدريبات والتمرين اكتساب قدرة كبيرة علي الكلام بالرغم من كونهم من الصم .
ويرجع الخلل الحادث في التواصل لدي المعاقين سمعيا إلى التالي:
أولاً: محدودية القدرات التعبيرية
إذ تكون القدرات التعبيرية لدي ذوي الإعاقة السمعية محدودة بسبب تأخر
مستواهم اللغوي وأخطاء النطق لديهم كما أنهم كثيراً لا يلقون التشجيع الكافي
ليشاركوا في الحوار، وكذلك بأن بعضهم ليست لديه القدرة علي نقل الرسائل
والأفكار بشكل متسلسل علي النقاط المهمة في الموضوع أو كيفية استخلاص العبرة منه بالإضافة لكونهم لا يتقنون إعطاء التعليمات.
ثانياً:محدودية القدرات الاستقبالية
وتكمن محدودية القدرات الاستقبالية في عده عوامل أهمها:-
1- عوامل متعلقة بالإعاقة ذاتها:
إذ يتأثر كثيراً استقبال المعاقين سمعيا للكلام بسبب إعاقتهم ويزداد ذلك التأثير كلما زادت حده الإعاقة السمعية.
2- عوامل تتعلق بالمتكلم:
تزيد صعوبة الفهم لدى المعاقين سمعيا عندما لا يستعمل الشريك في الحوار
طرقاً مساعدة ليفهم المعاق سمعيا ما يقوله: كأن يكون كثير الحركة أو لا يتكلم
بوضوح أو يتكلم بمستوي لغوي غير مناسب للمعاق سمعيا كما أنه قد يغير مواضيع الحوار بشكل مفاجئ أو يتحدث عن أمور غير واضحة للمعاقين سمعيا.
3-عوامل تتعلق بالبيئة المحيطة:
إن التواصل مع الآخرين يتأثر أيضاً بظروف البيئة المحيطة ويصبح أصعب كلما ساءت الظروف المحيطة من حيث وجود الضجيج أو ضعف الإثارة أو كثرة عدد المتحدثين.
ثالثاً: محدودية المعلومات العامة
إن القاعدة المعلوماتية لدي المعاقين سمعيا محدودة عادة وذلك لقلة المعلومات التي يتلقونها من الأهل والمدرسين والزملاء ووسائل الإعلام والمجتمع عموماً.
علاقة الإعاقة السمعية بالنمو العقلي للطفل الأصم:
يظهر التأثير الحادث للإعاقة السمعية فى النمو العقلي من خلال انعكاسه علي
الذكاء والقدرات العقلية، إذ يكون الأصم متخلفاً بحوالي عامين ومرجع ذلك إما
لظروف بيئية أو أسباب عضوية، وعند مقارنة الطفل الأصم والطفل عادي السمع من حيث القدرات العقلية العامة وجدت فروق في القدرات العقلية العامة بينهم نتيجة الحرمان من المثيرات والخبرات المتاحة، وأن استجابات الطفل الأصم لاختبارات الذكاء – والتي تتفق مع نوع إعاقته- لا تختلف عن استجابات الطفل عادي السمع.
العمليات العقلية لدى الصم
أ-الذكاء :
وقد أشارت الدراسات التى أجريت عن الذكاء IQ لدى الصم بأنهم متأخرون فى مستوى الذكاء بثلاث إلى أربع سنوات مقارنة بإقرانهم العاديين. بينما نجد أن الذكاء يلعب دوراً فعالاً في قدرة الإنسان علي التكيف مع إعاقته، فكلما كان أكثر ذكاء زادت قدرته علي التوافق والتكيف بعكس محدود الذكاء من ذوي الإعاقات، فتصبح لديهم الحياة أكثر تعقيداً ويزداد شعورهم باليأس وانعدام الثقة.
ومن ناحية أخري ينحاز آخرون إلي الأصم موضحاً أن الإصابة بالصمم لا تؤثر علي الجانب العقلي لدي الطفل، إذ إنه لا توجد فروق جوهرية بين الطفل عادى السمع والطفل الأصم في القدرات العقلية، وتؤكد اختبارات الذكاء أن معظم الأطفال الصم لديهم قدرات عقلية تفوق الأطفال عادي السمع. ويفند ذلك الرأي من حيث أن الصم لديهم جوهرياً نفس التوزيع العام في الذكاء مثل الأطفال السامعين، كما أنه لا توجد علاقة مباشرة بين الفقدان السمعي والذكاء، خاصة وأن الإصابة بالإعاقة السمعية لا تتضمن بالضرورة التخلف العقلي،ولذلك قد نجد أن ثنائية فقدان السمع والغباء ما هي إلا منطق مبتور قائم علي التفكير الخاطيء بأن الإعاقة في الكلام يعني إعاقة في القدرات المعرفية، أو أن الأخطاء في كتابة الأطفال الصم تنعكس علي ذكائهم تبعاً لذلك، وهناك رأي آخر يري عدم وجود علاقة في القدرة علي التفكير المجرد في علاقة اللغة بالعمليات الفكرية بين الأطفال الصم والسامعين.
ب- التحصيل الدراسى :
كما أشارت الدراسات التى أجريت عن التحصيل الدراسى أو النسبة التعليمية
Education Quotient أن الأطفال المعاقين سمعيا كانوا متخلفين بمقدار يتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة أعوام، وأن هذا التخلف كان يزداد مع تقدم العمر الأمر الذى يشير إلى أن الأطفال المعاقين سمعيا الأكبر سنا كانوا أكثر تخلفا فى التحصيل الدراسى – من خلال قياس النسبة التعليمية لديهم -من أقرانهم المعاقين سمعيا الأقل سنا، وقد تم إجراء دراسة مسحية فى مدارس المعاقين سمعيا أوضحت أن العمر الزمنى لهؤلاء الأطفال والذين هم فى سن الثانية عشرة يساوى 71%، وأن من هم فى سن الخامسة عشرة منهم وصلت النسبة التعليمية لديهم إلى 67%، وقد ظهر التخلف فى الدراسة لديهم من خلال : فهم معانى الفقرات والكلمات والعمليات الحسابية والهجاء. ومن ناحية أخرى ربطت الدراسات بين التحصيل الدراسى وبعض المتغيرات كالذكاء، ودرجة الإصابة بالإعاقة السمعية، وزمن الإصابة، وعدد السنوات التى قضاها التلميذ بمعاهد الصم.
وأفادت الدراسات أن الأطفال المعاقين سمعيا الذين يتلقون تعليمهم يوميا فى معاهد الصم – من ذوى الإقامة الخارجية – كانوا أكثر تحصيلا من زملائهم من ذوى الإقامة الداخلية.
وأيضا فى هذا المجال يتأثر بعمر الطفل عند حدوث الإعاقة السمعية فكلما زاد السن الذي حدث فيه الصمم كانت التجارب السابقة في محيط اللغة ذات فائدة كبيرة في العملية التعليمية وقد بينت البحوث أن السن الحرجة والخطيرة عند الإصابة بالصمم هي ما يقع بين السنة الرابعة والسادسة وهي الفترة التي تنمو فيها اللغة وقواعدها الأساسية لهذا فكل من الأطفال المولودين بالصمم أو من فقدوا سمعهم فيما بين 4-6 أعوام غالباً يعانون تخلفاً في التحصيل الدراسي في المستقبل لو قورنوا بمن أصيبوا بالصمم في سن متأخرة عن ذلك، وبينت دراسات أخرى أن الأصم يتأخر في النشاط العقلي بمقدار سنتين وخمس سنوات دراسية عن زميله العادي إلا أن هذا الفرق يتضاءل قليلاً بالنسبة لمن أصيبوا بالصم بعد ست سنوات مما يتعذر معه أن يحصل الأصم على نفس المقدار العلمي الذي يحصل عليه التلميذ العادى .
جـ- الذاكرة :
ولقد أثبتت الدراسات أن هناك أثر للحرمان الحسي والسمعي على التذكر ففي بعض أبعاده يفوق المعوقون سمعياً زملائهم العاديين وفي بعضها الآخر يقلون عنهم فمثلاً تذكر الشكل أو التصميم وتذكر الحركة يفوق فيه الصم زملائهم العاديين بينما يفوق العاديين زملائهم الصم في تذكر المتتاليات العددية. كما أن الصم يتفوقون علي عادي السمع في بعض جوانب التذكر، كتذكر الشكل.
د- مفهوم الزمن لدى الصم :
استرعى مفهوم الزمن لدى الصم اهتماما كبيرا نظرا للملحوظات المتكررة بوجود صعوبات فى فهم والتعرف على الموضوعات التى تتعلق بالنشأة والتطور، ولذلك فقد استنبط البعض أن قصور اللغة يؤدى إلى إحداث تأثير سلبى على مفهوم الزمن لدى الصم.
هـ- اكتساب المفاهيم :
أشارت الدراسات إلى أن الصم يكتسبون المفاهيم بنفس درجة التسلسل التى لدى العاديين إلا إن اكتساب الصم للمفاهيم المختلفة يتم فى أعمار زمنية اكبر من العاديين، كما إنهم يعانون من صعوبات فى اكتساب المفاهيم المتناقضة والمفاهيم
المتشابهة ودمج بعض المفاهيم مع بعضها البعض. ويتضح: أن فقدان السمع بما يمثله من تعطيل للجهاز السمعي، يمثل تعطيلاً لجزء من الكل مما قد يؤثر بدورة علي القدرات العقلية لدي الطفل الأصم بعملياتها المختلفة، وقد يؤدي هذا إلي اضطراب تلك القدرات، وأن يصبح نموها غير كامل وغير ناضج، كمرجعية لقصور الإدراك اللحظي البيئي المكتسب من خلال التفاعلات اليومية والمواقف الحياتية المعاشة، ولذلك قد يوصف الصم بسمة المهارة في الحرفة والعقلية ذات الذكاء الحاد.
علاقة الإعاقة السمعية بالنمو الانفعالي للأصم:
يعيش الطفل الأصم في قلق واضطراب انفعالي بسبب وجوده في عالم صامت خال من الأصوات واللغة، كما أنه معزول عن الرابطة التي تربطه بالعالم الخارجي، وهو في ذلك محروم من معاني الأصوات التي ترمز للحنان والعطف والتقدير، مما يعمق مشاعر النقص والعجز لديه، ولذلك يؤكد" جريجوري" Gregory أنه يميل إلي العزلة والهروب من تحمل المسئولية، ومن ثم يتسم الطفل الأصم بالاضطراب النفسي والانفعالي كمرجع للأنطوائية .
ومن ثم يتم الإشارة إلي جانب آخر وهو عدم شعور الطفل الأصم خلال مرحلة الطفولة بالحنان أو عطف الأمومة، ومرجع ذلك إلي أنه لا يسمع صوت أمه بنغمات أثناء عنايتها به، ولذلك فإن هؤلاء الأطفال يعانون من الإحباط بسبب فقدهم لوسيلة الاتصال المتمثلة في اللغة نتيجة عدم فهم الآخرين لهم. كما أن إحجام الطفل الأصم عن التعبير عن مشاعره بصدق وأمانة في المواقف المختلفة ومع الأشخاص المختلفين من الأسباب الرئيسية لتعرضه للقلق والصراع والأضطرابات النفسية… كما أن قمع التعبير عن المشاعر يعمل علي زيادة النزعات العصبية، ويؤدي بالأصم إلي الشعور بالنقص وخيبة الأمل وعدم الشعور، ولذلك فإن لديه عدم اتزان عاطفي بدرجة كبيرة إذا ما قورن بعادي السمع، كما أن الأصم أكثر انطواء وعزلة وأقل حباً للسيطرة والإسراف في أحلام اليقظة، ويتسم ببعض الصلابة والانقباض بالإضافة لذلك: يتسم الصم في التشكك وأساس ذلك أنهم يرون الآخرين متخاطبين يتكلمون بما لا يسمع الصم، فيظنون أن في الأمر سوء لهم وقد تبدو منهم استجابات عدوانية وفقاً لما يقدرونه من تشكك فيها .ولهذا يميلون للإشباع المباشر لحاجاتهم بمعني أن مطالبهم يجب أن تلبي بسرعة أي سريعة الإشباع.
ويتسم الصم فى هذا المجال بكونهم:
– يتجاهلوا مشاعر الآخرين فى معظم الأحيان.
– المبالغة والتشوش فى مفهوم الذات لديهم .
– يعانوا من سوء توافق شخصي واجتماعي.
– الرغبة فى الإشباع المباشر لحاجاتهم .
– يتسمون فى الغالب بالاندفاعية والحركة الزائدة وعدم القدرة على ضبط النفس .
– يعانون من عدم الاستقرار الانفعالي.
– تسيطر عليهم مشاعر الاكتئاب والقلق بدرجة مرتفعة.
– يتسمون بدرجة مرتفعة من السلبية والجمود وتقلب المزاج.
ويتضح : أن الفقدان السمعي للأطفال الصم قد لا يؤدي إلي عدم التوافق عدم التكيف انفعالياً مع ذواتهم فتفسيراتهم لنظرات الآخرين من العاديين تحمل أبعاداً غير مألوفة ، فهي إما عالية جداً أي مبالغ فيها من الايجابية أو منخفضة جداً نتيجة للانطواء والاكتئاب المتولد من عدم نجاحهم في فهم الآخرين بسهولة ، وبالتالي يتقهقر نموهم الانفعالي عن المعتاد وبحيث إنه في مرحلتهم العمرية تلك لا يناسب سمات الشخصية التي لدي أقرانهم عادي السمع ، من حيث توقف هذا النمو الانفعالي عند مرحلة معينة ، أي تثبيته وذلك تبعاً لنظرية التحليل النفسي ، ومن ثم يتقوقع الطفل حول ذاته وتزداد مساحة الاكتئاب والعزلة لدية .
علاقة الإعاقة السمعية بالنمو الاجتماعي للأصم:
يميل الطفل الأصم إلي الانسحاب من المجتمع لذلك فهو غير ناضج اجتماعياً بدرجة كافية، وذلك بسبب عاهته الحسية، بالإضافة لوجود مشكلات سلوكية لدية كالعدوان والسرقة والرغبة في التنكيل والكيد للآخرين… كما أن التكيف الاجتماعي لدية غير واضح المعالم ومن ثم فإن الطفل الأصم يميل إلي البعد عن الأشخاص عادى السمع نتيجة لفقده الحس الاجتماعي الذي يقربه لهم، إلا أن الصم دون غيرهم من فئات الإعاقة يتميزون بالاختلاط اجتماعياً بأقرانهم الصم، لأنهم يعتبرون أنفسهم جماعه فرعية من المجتمع، مما يجعلهم جماعة متماسكة.
ويبين " بيترسون " Peterson أن الطفل الأصم في المدارس المشتركة للصم وعادي السمع معاً يميل إلي أن يلعب مع زميله الأصم. ولذا يشير هالموس " Halmos إلي أن انطلاق الأصم نحو إشباع رغباته وحاجاته دون الالتزام بالمعيار الاجتماعية يؤدي إلي عدم الرضا الاجتماعي عنه وهو ما يصيبه بالإحباط والتوتر. ومن ثم فإن الصم يستحيل عليهم فهم لغة الدعابة أو النكتة، وأنهم لكي يفهموا مضمون ومغزي الظواهر الطبيعية والقيم والعادات والتقاليد لابد لهم من إدراك ذهني كاف. والأطفال الصم يعانون من الوحدة Loneliness وتنتابهم لذلك مشاعر العزلة التي يعيشون فيها، وبالتالي تحد الإعاقة السمعية لديهم من الوظائف الاجتماعية.
ولذا يتسم الصم فى المجال الاجتماعي بكونهم:
– يعانون من قصور بدرجة كبيرة فى المهارات الاجتماعية.
– اقل توافقا اجتماعيا من العاديين.
– اقل إلماما ومعرفة بقواعد السلوك المناسب.
– أكثر ميلا للعزلة مقارنة بالعاديين.
– يتفوقون عند تفاعلهم مع أقرانهم الصم مقارنة بتفاعلهم مع العاديين أو حتى بتفاعل العاديين مع بعضهم البعض.
– اقل تحملا للمسئولية.
– يعتمدون على الآخرين مع عدم النضج الاجتماعي.
– يلجأون إلى التلامس الجسدي للفت الانتباه إليهم.
– فى معظم الأحيان يسيئون فهم العاديين.
– ينتشر لديهم السلوك العدوانى والسلوك الانسحابى.
كما أن التعبير عن النفس والتلقي عن الآخرين، بل إن استمرار هذا التلقي لدي الصم لا يتم إلا من خلال عملية التغذية الرجعية، وعملية الاتصال هذه هي محور عملية التفاعل الاجتماعي ويتضح: أن الطفل الأصم لديه قصور اجتماعي نتيجة عدم المشاركة مع الآخرين بفاعلية.
دكتور/ محمد النوبى محمد على
قسم الصحة النفسية
كلية التربية جامعة الأزهر