زيادة الكالسيوم في الجسم وأضراره

زيادة الكالسيوم في الجسم هي حالة مرضية يكون فيها مستوى الكالسيوم في الدم أعلى من معدلاته الطبيعية. والكالسيوم هو من العناصر الرئيسية في العديد من الوظائف الهامة للأعضاء، الخلايا، العضلات والأعصاب، وهو هام أيضاً في عملية تخثر الدم وصحة العظام. وحيث تتنوع أخطار زيادة الكالسيوم في الجسم وأضراره فإنه من الضروري فهم العوامل التي تسبب ارتفاع الكالسيوم في الدم وعدم التخلص من الزائد منه، وهل يمكن الوقاية من أخطار هذا الارتفاع على وظائف الجسم المختلفة.

كيف يتم التحكم في مستويات الكالسيوم في الدم؟

بشكل رئيسي فإنه يتم التحكم بمستوى الكالسيوم في الدم بواسطة الغدد جارات الدرق، والتي تتمثل بأربعة غدد صغيرة خلف الغدة الدرقية في العنق، فعندما يحتاج الجسم إلى عنصر الكالسيوم فإن هذه الغدد تقوم بإفراز هرمونات تعمل على تلبية هذه الحاجة عبر ما يلي:

• تحريض العظام على تحرير الكالسيوم نحو الدم.
• توجيه الكلية لطرح كمية أقل من المعدل من شاردة الكالسيوم ضمن البول.
• حث الكلية على تفعيل الفيتامين D والذي يساعد السبيل الهضمي على امتصاص أكبر للكالسيوم.

لذا فعند وجود اضطراب في عمل الغدد جارات الدرق فإنه يؤثر على توازن مستويات الكالسيوم

ما هي أهم أعراض ارتفاع الكالسيوم في الجسم؟

في الحالات المعتدلة من ارتفاع الكالسيوم قد لا يعاني المريض من أي أعراض واضحة، بينما في الحالات الأكثر شدةً فإن المريض يعاني من مجموعة من الأعراض التي تؤثر على أجزاء متنوعة من الجسم. ومن أشيع هذه الأعراض نذكر التالي:

• أعراض عامة مثل الصداع والتعب.
• كلوية مثل العطش المستمر، التبول المتكرر، ألم في الخاصرة يمتد للأمام والخلف.
• هضمية مثل الغثيان، ألم البطن، نقص الشهية، الإمساك والتقيؤ.
• قلبية مثل تأثر الجهاز الكهربائي للقلب مما يسبب عدم انتظام دقات القلب.
• عضلية كأن يسبب ارتفاع الكالسيوم تشنجات وضعف عضلي.
• هيكلية مثل الألم العظمي، تخلخل العظام والكسور المرضية.
• عصبية كالاكتئاب، فقدان الذاكرة، التخليط الذهني والسبات.

كيف يتم تنظيم مستوى الكالسيوم في الدم؟

يعتمد التوازن في مستوى الكالسيوم في الجسم على تناغم وانتظام بين كل من الكالسيوم، الفيتامين D وهرمون جارات الدرق.

يعمل هرمون جارات الدرق PTH على تحديد مقدار الكالسيوم الذي يدخل للدم من الأمعاء، الكليتين والعظام. وبشكل طبيعي يتم إفراز هذا الهرمون عندما يكون مستوى الكالسيوم في الدم أقل من اللازم، وينخفض عندما يكون مستوى الكالسيوم مرتفع في الدم.

بالإضافة إلى أن الجسم يمكن أن يستخدم هرمون الكالسيتونين من الغدة الدرقية في حالات ارتفاع الكالسيوم في الدم.

ما الأسباب وراء زيادة الكالسيوم في الجسم؟

تتعدد الأسباب والحالات المرضية التي يمكن أن تسبب ارتفاعاً في مستوى الكالسيوم في الدم، ولكل منها طريقة خاصة في التدبير لذا يلزم التشخيص الدقيق للحالة قبل العلاج. وسوف نذكر بعضاً من أهم هذه الأسباب.

التجفاف

يؤدي التجفاف إلى زيادة معتدلة في نسبة الكالسيوم في الجسم عن قيمتها الطبيعية وأضراره المتنوعة، ويحدث ذلك بسبب نقص نسبة السوائل في الدم مما يرفع من تركيز المواد المنحلة بها مثل الكالسيوم وغيره. وإذا ترافق التجفاف مع مشاكل في وظيفة الكليتين فإن الحالة تصبح أشد خطورةً ويكون تأثير الزيادة في الكالسيوم مضاعفاً.

فرط نشاط الغدد جارات الدرق

كما ذكرنا فإن هذه الغدد تعمل على تنظيم دخول الكالسيوم إلى الدم بواسطة هرمون PTH، يحدث فرط نشاط جارات الدرق عندما تعمل غدة أو أكثر من الغدد جارات الدرق على إفراز زائد للهرمون، مما يسبب عدم توازن في نسبة الكالسيوم في الدم لا يستطيع الجسم تصحيحه بمفرده. وهذه الحالة شائعة بين النساء بأعمار تتجاوز ال50 عاماً.

تأثير جانبي لأحد الأدوية

بعض العلاجات الدوائية مثل المدرات البولية المستخدمة في خفض ارتفاع التوتر الشرياني يمكن أن تسبب حدوث ارتفاع في كالسيوم الدم، فهي تعمل على طرح مقدار عالي من سوائل الجسم دون طرح مرافق للكالسيوم فيها مما يرفع من تركيز الأخير في الدم.

أما دواء الليثيوم فهو يسبب ارتفاع الكالسيوم بتحريضه على إفراز هرمون جارات الدرق.

ارتفاع مستوى الفيتامين D في الجسم

يحرض الفيتامين D على امتصاص الكالسيوم من الأمعاء نحو الدم، في الحالة الطبيعية فإن 10-20% فقط من الكالسيوم الموجود في الغذاء يتم امتصاصه نحو الدم، بينما عند وجود ارتفاع في معدل الفيتامين D فإنه يحرض امتصاص أكير للكالسيوم.

يمكن أن يحدث زيادة في الفيتامين D في الجسم لدى الأشخاص الذين يعالجون بالمكملات الغذائية الحاوية على الفيتامين. وهي التي كانت تستخدم في علاج التصلب المتعدد.

الاضطرابات الرئوية

الأمراض الرئوية وخاصةً الحبيبية منها مثل السل والساركوئيد يمكن أن تسبب ارتفاعاً في مستويات الفيتامين د في الجسم، وهذا الذي يحرض على امتصاص أكبر للكالسيوم. أما بعض السرطانات مثل سرطانات الرئة، الثدي والدم، يمكن أن تحدث زيادة في الكالسيوم أيضاً.

كيف يتم تشخيص السبب وراء ارتفاع الكالسيوم في الدم؟

يمكن كشف وجود زيادة في معدل الكالسيوم في الدم عبر إجراء فحص دم وفحص بول وقياس مستويات الكالسيوم فيهما، وفي حال وجود زيادة فعلاً فإنه يجب البحث عن السبب بإجراء الفحوصات التالي ذكرها:

• تحاليل دموية لتحري وجود فرط في نشاط الغدد جارات الدرق.
• صورة شعاعية بسيطة للصدر لكشف وجود سرطان الرئة.
• تصوير طبقي محوري لأخذ صورة أشمل عن الجسم.
• فحص الكثافة العظمية لتقييم قوة العظام.

اختلاطات زيادة الكالسيوم في الجسم وأضراره

إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الملائمة والعلاج الكافي لزيادة الكالسيوم في العظم فإن ذلك قد يسبب مجموعة من الأضرار على الجسم ووظائفه. وسوف نذكر تالياً أشيع هذه الأضرار والاختلاطات حدوثاً.

هشاشة العظام

مع مرور الوقت على وجود مسببات زيادة الكالسيوم في الجسم فأن العظام سوف تحرر كميات متزايدة من الكالسيوم في الدم، وهذا الذي يسبب حدوث ترقق في العظام أو نقص  في كثافتها ومع استمرار ذلك يصاب المريض بهشاشة العظام.

وتترافق هشاشة العظام بالعديد من المخاطر مثل:

• الكسور العظمية.
• عجز واضح في النشاط اليومي.
• فقدان الاستقلالية.
• انحراف في العمود الفقري.
• قصر الطول مع مرور الوقت.

حصوات الكلى

يعاني مرضى زيادة الكالسيوم في الجسم من خطر أعلى لتشكل بلورات الكالسيوم في الكليتين، والتي يمكن أن تتجمع لتكون حصوات كلوية مؤلمة وقد تؤدي إلى أضرار للكليتين.

الفشل الكلوي

مع مرور الوقت فإن الزيادة في مستويات الكالسيوم في الدم قد تؤدي إلى منع الكليتين من أداء وظائفها بالشكل المطلوب، فتصبح أقل فعالية في تصفية الدم وتنقيته من الشوائب، تشكيل البول وتخليص الجسم من السوائل الزائدة بما يسمى الفشل الكلوي.

اضطراب النظم القلبي

يحدث نبضان القلب بمرور النبضات الكهربائية عبره وتحريضه على الانقباض، وللكالسيوم دور هام في التحكم في هذه العملية، لذا فإن زيادة الكالسيوم في الجسم قد يؤدي إلى اضطرابات في النظم القلبي.

اضطرابات في الجهاز العصبي

إذا لم يتم علاج الحالات الشديدة من زيادة الكالسيوم في الجسم فإنها قد تسبب ضرراً في عمل الجهاز العصبي، ومن أبرز هذه التأثيرات نذكر مثل التخليط، الخرف، التعب وقد تصل إلى دخول المريض في السبات وهي حالة مهددة لحياته.

ما هي طرق علاج زيادة الكالسيوم في الجسم؟

يعتمد تدبير زيادة الكالسيوم في الجسم على شدة الحالة والسبب وراء هذه الزيادة.

في الحالات البسيطة من زيادة الكالسيوم فإن المريض قد لا يحتاج علاج فوري أو مستعجل، وتبعاً للعامل المسبب فإن المريض يحتاج إلى المراقبة وتشخيص السبب وراء المشكلة.

 ولا يكمن خطر ارتفاع الكالسيوم فقط على قيمة الكالسيوم في الدم فقط، بل يتأثر بشكل كبير بسرعة التغير فيه. وحتى في الحالات البسيطة من ارتفاع كالسيوم الدم فإن خطر تشكل الحصوات الكلوية والفشل الكلوي يبقى وارداً.

أما في الحالات المتوسطة أو الشديدة من زيادة الكالسيوم في الجسم فإن المريض غالباً ما يحتاج إلى دخول المستشفى، حيث يكون الهدف إعادة مستوى الكالسيوم إلى قيمه الطبيعية، وبالتالي تجنب العديد من الأضرار للعظام والكليتين.

ومن أهم الإجراءات المتخذة لمعالجة زيادة الكالسيوم في الجسم نذكر ما يلي:

• الكالسيتونين وهو الهرمون المنتج في الغدة الدرقية والذي يبطئ من ترقق العظام.
• السوائل الوريدية هامة جداً في تعويض النقص وخفض تركيز الكالسيوم في الدم.
• المدرات البولية تساعد الكليتين على التخلص من السوائل المتراكمة في الجسم والكالسيوم الزائد في الدم.
• البيوفوسفونات الوريدية تساعد على خفض كالسيوم الدم بنظيم مستوى الكالسيوم في العظام.
• يمكن اللجوء إلى التحال الدموي للتخلص من الكالسيوم الزائد والحطام المتراكم في الدم في حالات الفشل الكلوي.

كيف يمكن الوقاية من زيادة الكالسيوم في الجسم وأضراره؟

أما عن الوقاية من زيادة الكالسيوم والمحافظة على مستوياته الطبيعية في الجسم وحماية العظام من فقدان قوتها وكثافتها، فإنه يمكن اللجوء إلى مجموعة من الخطوات مثل:

شرب كمية كبيرة من الماء

لأن الحفاظ على النسب الطبيعية للسوائل في الجسم يقلل من تركيز الكالسيوم في الدم ويقي من تشكل حصوات الكلى.

التمارين الرياضية

فهي تساعد على تعزيز قوة العظام وصحتها.

إيقاف التدخين

وهو أحد العوامل الهامة في الخسارة العظمية والترقق فيها لذا فإن تجنبه يحمي من المشاكل العظمية.

إتباع التوصيات في تناول الأدوية والمكملات الغذائية

مثل الحرص على عدم استهلاك مقدار زائد من الفيتامين D والذي يعمل بدوره على زيادة الكالسيوم في الدم.