اضطراب خلل القراءة dyslexia
لو كنت معلّماً، تكون فُرص أن يكون في صفّك تلميذ واحد على الأقلّ مُصاباً باضطراب خَلَل القراءَة dyslexia مرتفعة للغاية. فالمؤسّسات العالميّة المعنيّة تشير إلى أنّ نسبة انتشار الاضطراب في العالم تتراوح بين 5% و15%، بحسب تشدد المعايير المستخدمة في تشخيصه.
ولو أخذنا 10% كنسبة متوسطة، فهذا يعني أن هناك 700 مليون حالة إصابة في العالم. بينما تقدر وزارة الصحة الأمريكية نسبة انتشار خلل القراءة بين التلاميذ الأمريكيين بـ15-20%. ولأنّ للمعلم تأثير كبير على رغبة الطفل في التعلّم، فمن المهم أن تعرف بعض المعلومات عن خلل القراءة، وكيفَ بإمكانك مساعدة التلاميذ المُصابين بهذا الاضطراب على النجاح في الصف وتجاوز إعاقتهم على قدر الإمكان.
ما هوَ خلل القراءة ؟
خلل القراءة dyslexia (أو اضطراب القراءة النمائي developmental reading disorder) هو اضطراب يتميز بصعوبة في تعلم القراءة بطلاقة وعلى استيعاب الكتابة بدقة رغم أن المُصاب من ذوي الذكاء الطبيعي أو فوق الطبيعي. وهو أكثر صُعوبات التعلم انتشاراً في العالم وأكثر اضطراب قراءة يمكن تشخيصه، وهناك اضطرابات قراءة أخرى غير مُرتبطة بخلل القراءة.
تقول جمعية خلل القراءة الدولية أن خلل القراءة هو عجز تعلّم خاص يتميّز بما يلي:
· صُعوبات في معرفة الكلمات بشكلٍ صحيح أو بتلقائية.
· ضعف في التهجئة.
· ضعف قي القدرات التحليلية.
· يكون لدى الأطفال المصابين بخلل القراءة ضعف في مهارات القراءة الشاملة وقد يتهربون من القراءة.
وقد يكون لدى الأطفال الصغار بالإضافة لذلك مشاكل في:
· قراءة الكلمات المفردة.
· تعلم دمج الأحرف والأصوات.
· ارتباك في الكلمات الصغيرة، مثل “في” و”إلى” و”ثم”.
· عكس الكلمات.
ولأن ذكاء الأطفال المصابين بخلل القراءة يكون طبيعياً أو فوق الطبيعي، تمضي معظم المشاكل في الدراسة دون أن يلاحظها الأهل، أو قد يعزونها لكسل الطفل. وليس صحيحاً أن الأطفال المصابين بخلل القراءة لا يكون عندهم دافع أو حب للتعلم. غير أن المشاكل التي تصادفهم في القراءة والكتابة والتهجئة وحتى الكلام أحياناً قد تجعل مهمتهم عسيرة. فهم قد يتهربون من القراءة وقد يجدون صعوبة في إتمام واجباتهم في وقتٍ محدد. وقد يبدو كما لو أنهم لا يبذلون جهدهم حتى حين يعملون جاهدين أكثر من باقي التلاميذ.
وهنا بعض أمثلة على بعض الجوانب التي قد يجد الأطفال المصابين بخلل القراءة صعوبات فيها:
– كتابة الكلمات أو الأحرف المتشابهة: مثل “ر” و”ز” أو “ط” و”ظ”.
– صعوبة في ربط الأحرف الصوتية لتشكيل الكلمات.
– صعوبة في تجزيء الكلمة إلى مقاطع.
– استخدام التهجئة الصوتية.
– الخطأ في كتابة الأحرف المتشابهة لفظياً، مثل “ج” و”ز” أو “س” و”ش”.
– صعوبة في التتالي.
– سوء معرفة الكلمات.
ينبغي على المعلمين خلال عملهم على تدريس الأطفال المصابين بخلل القراءة ليس فقط ملاحظة الضعف اللغوي عند الأطفال، بل كذلك الاهتمام بنقاط القوة عندهم. فقد قالت سالي شايويتز في كتابها “التغلب على خلل القراءة” أن على المعلمين أن يضعوا مهارات التفكير النقدي وحل المشاكل عند هؤلاء الأطفال في اعتبارهم. وتشمل نقاط القوة التي لاحظتها عند الأطفال المصابين بخلل القراءة ما يلي:
· التعليل
· تكوين المفاهيم
· الفهم
· المعرفة العامة
· حل المشاكل
· المترادفات
· التفكير النقدي
ويستطيع المعلم بالارتكاز على نقاط القوة تلك أن ينهض بالقدرات الطبيعية عند التلميذ، وأن يركز على جوانب محددة يحتاج فيها للمساعدة.
وتشمل بعض الطرق الخاصة التي يستطيع المعلم باستخدامها أن يساعد التلميذ المصاب بخلل القراءة ما يلي:
إيجاد بيئة متعددة الحواس multisensory environment. عدت جمعية خلل القراءة العالمية التدريس مُتعدد الحواس على أنه طريقة فعالة لمساعدة التلاميذ المصابين بخلل القراءة. تستخدم الطرق متعددة الحواس حاستين أو أكثر في العملية التعليمية، فيمكن مثلاً استخدام حبات برتقال لتعليم الكسور أو استخدام أحرف رملية لتعلم الأبجدية.
تشجيع المشاركة اللفظية. يمكن لبعض المعلمين أن يختاروا إجراء الاختبارات شفهياً بدل الاختبارات الكتابية، أو أن يختاروا القيام بعرض شفهي بدل التقرير المكتوب. فقبل أن تطلب من التلميذ القراءة بصوتٍ مرتفع، اسأل التلميذ إن كان يشعر بالارتياح عند القيام بذلك.
تدريس الوعي اللفظي قبل بدء توجيه القراءة. الوعي اللفظي هو القدرة على تقسيم الكلمات إلى أصغر وحدات صوتية. يكون لدى الكثير من التلاميذ المصابين بخلل القراءة صعوبة في الوعي اللفظي، وفي حال عدم توجيه هذه المشكلة، ستظل القراءة صعبة عليهم.
استخدم إستراتيجيات الذاكرة. قد تلقى أن استخدام الوسائل المقوية للذاكرة أو تكوين أغاني أو قصص بسيطة لتذكر قواعد التهجئة أمراً مفيداً.
ركز على القراءة الشاملة. يركز التلاميذ المصابون بخلل القراءة على كل كلمة بعينها عندما يقرؤون، ويهتمون بلفظ كل كلمة. لذلك قد يغيب عنهم معنى أو مضمون ما يقومون بقراءته. درس مهارات القراءة الشاملة الخاصة، مثل التوقف وتلخيص ما تم قراءته وطرح الأسئلة وصياغة الافتراضات عند القراءة.
تأمين واجبات قراءة على أشرطة تسجيل. هناك الكثير من الكتب المتوفرة على أشرطة تسجيل أو ملفاتات MP3. وهي ستساعد التلاميذ على القراءة والتتبع بموازاة النص المكتوب، ما سيساعدهم على الفهم.
أعطِ توجيهات بسيطة وموجزة. لأن المصابين بخلل القراءة يجدون صعوبة في المتابعة، أعطهم توجيهات قصيرة ومباشرة، وأعطهم خطوة أو خطوتين في كل مرة.
لخّص الدروس قبل البدء. قبل بدء الدرس، أعط وصفاً موجزاً عما يدور الدرس أو أعط لمحة عن موضوع الكتاب. ولخط الأفكار الرئيسية بعد الانتهاء من الدرس.
وقبل كل شيء، عليك التعامل مع كل تلميذ على حدة، فكما كل الأطفال مختلفين، يكون التلاميذ المصابين بخلل القراءة مختلفين. فعند عملك مع كل تلميذ، سوف تكتشف جوانب الضعف عنده وسوف تعمل على تقويتها. ولا تنسى أن تعزز ثقة التلميذ بنفسه وبأن تذكره بأنها مشكلة يمكنه التغلب عليها، وأن هناك الكثير من العباقرة والمشاهير ممن واجههم هذا الاضطراب في صغرهم، من مثل ألكسندر بيل مخترع الهاتف وتوماس أديسون أشهر المخترعين، وألبرت آينشتاين، والكثير غيرهم.